الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ } * { أَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْمَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقَيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } * { أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ أَفَلاَ يَسْمَعُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلْ يَوْمَ ٱلْفَتْحِ لاَ يَنفَعُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِيَمَانُهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } * { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَٱنتَظِرْ إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ }

{ تتجافى جنوبهم } بالتجرّد عن الغواشي الطبيعية والقيام { عن المضاجع } البدنية والخروج عن الجهات بمحو الهيئات { يدعون ربّهم } بالتوجه إلى التوحيد في مقام القلب خوفاً من الاحتجاب بصفات النفس بالتلوين { وطمعاً } في لقاء الذات { ومما رزقناهم } من المعارف والحقائق { ينفقون } على أهل الاستعداد { فلا تعلم نفس } شريفة منهم { ما أخفي لهم } من جمال الذات ولقاء نور الأنوار الذي تقرّ به أعينهم فيجدون من اللذة والسرور ما لا يبلغ كنهه ولا يمكن وصفه { جزاء بما كانوا يعملون } من التجريد والمحو في الصفاء والعمل بأحكام التجليات { مؤمناً } بالتوحيد على دين الفطرة. { كمن كان فاسقاً } بخروجه عن ذلك الدين القيم بحكم دواعي النشأة { جنات المأوى } بحسب مقاماتهم من الجنان الثلاث { كلما أرادوا أن يخرجوا منها } بالميل الفطريّ { أعيدوا فيها } لاستيلاء الميل السفلي وقهر الملكوت الأرضية بسبب رسوخ الهيئات الطبيعية. { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى } الذي هو عذاب الآثار ونيران مخالفات النفوس والطباع في البليّات والشدائد والأهوال { دون العذاب الأكبر } الذي هو الاحتجاب بالظلمات عن أنوار الصفات والذات { لعلهم يرجعون } إلى الله عند تصفية فطرتهم بشدّة العذاب الأدنى قبل الرين بكثافة الحجاب. { ولقد آتينا موسى } كتاب العقل الفرقاني { فلا تكن في مرية } من لقاء موسى عند بلوغك إلى مرتبته في معراجك كما ذكر في قصة المعراج أنه لقيه في السماء الخامسة وهو عند ترقيه عن مقام السرّ الذي هو مقام المناجاة إلى مقام الروح الذي هو الوادي المقدّس { يوم الفتح } المطلق يوم القيامة الكبرى بظهور المهدي لا ينفع إيمان المحجوبين حينئذ لأنه لا يكون إلا باللسان، ولا يفنى عنهم العذاب، والله تعالى أعلم.