الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ إِلَى ٱللَّهِ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } * { رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ } * { وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } * { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

{ فلما أحسّ عيسى } القلب من القوى النفسانية { الكُفر } الاحتجاب والإنكار والمخالفة { قال مَنْ أنصاري إلى الله } أي: اقتضى من القوّة الروحانية نصرته عليهم في التوجه إلى الله { قال الحواريون } أي: صفوته وخالصته من الروحانيات المذكورة { نحنُ أنصار الله آمنا بالله } بالاستدلال وبالتنوّر بنور الروح { وأشهد بأنّا مُسْلِمون } مذعنون منقادون { ربنا آمنا بما أنْزَلت } من علم التوحيد وفيض النور { واتبعنا الرسول فاكتُبْنَا مع الشاهدِين } الحاضرين لك، المراقبين لأمرك، أو من الشاهدين على وحدانيتك. { ومَكَروا } أي: الأوهام والخيالات في اغتيال القلب وإهلاكه بأنواع التسويلات { ومكَر الله } بتغليب الحجج العقلية، والبراهين القاطعة عن تخيلاتها وتشكيكاتها ورفع عيسى القلب إلى سماء الروح، وألقى شبهه على النفس ليقع اغتيالهم { والله خير الماكرين } إذا غلب مكره. وقال لعيسى: { إني مُتَوفيك } أي: قابضك إليّ من بينهم { ورَافعك إليّ } أي: إلى سماء الروح في جواري { ومطهرك من } رجز جوار { الذين كفروا } من القوى الخبيثة ومكرهم وخبث صحبتهم { وجاعل الذين اتبعُوك } من الروحانيين { فوق الذين كفروا } من النفسانيات إلى يوم القيامة الكبرى والوصول إلى مقام الوحدة { ثم } يومئذ { إليّ مرجعكم فأحكم بينكم } بالحق { فيما كنتم فيه تختلفون } قبل الوحدة من التجاذب والتنازع الواقع من القوى. فأقرّ كلاً في مقرّه هناك وأعطيه ما يليق به من عندي فيرتفع التخالف والتنازع.