{ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه } من ظاهر الإسلام وتصديق اللسان { حتى يميز الخبيث } من صفات النفس وشكوك الوهم وحظوظ الشيطان، ودواعي الهوى من طيبات صفات القلب كالإخلاص واليقين والمكاشفة ومشاهدات الروح ومناغيات السرّ ومسامراته، وتخلص المعرفة والمحبة لله بالابتلاء ووقوع الفتن والمصائب بينكم. { وما كان الله ليطلعكم على } غيب وجودكم من الحقائق والأحوال الكامنة فيكم بلا واسطة الرسول لبعد ما بينكم وبينه وعدم المناسبة وانتفاء استعداد التلقي منه { ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء } فيطلعه على أسراره وحقائقه بالكشف ليهديكم إلى ما غاب عنكم من كنوز وجودكم وأسراره للجنسية النفسانية التي بينه وبينكم، الموجبة لإمكان اهتدائكم به { فآمنوا بالله ورسله } بالتصديق القلبيّ والإرادة والتمسك بالشريعة ليمكنكم التلقي والقبول منهم { وإن تؤمنوا } بعد ذلك الإيمان بالتحقيق والسلوك إلى اليقين والمتابعة في الطريقة { وتتقوا } الحجب النفسانية وموانع السلوك { فلكم أجر عظيم } من كشف الحقيقة { بما أتاهم الله من فضله } من المال والعلم والقدرة والنفس ولا ينفقونه في سبيل الله على المستحقين والمستعدّين والأنبياء والصدّيقين في الذبّ عنهم أو الفناء في الله { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة } أي: يجعل غلّ أعناقهم وسبب تقييدهم وحرمانهم عن روح الله ورحمته وموجب هوانهم وحجابهم عن نور جماله لمحبتهم له وتعلقهم به { ولله ميراث السموات والأرض } من النفوس وصفاتها كالقوى والقدر والعلوم والأموال وكل ما ينطبق عليه اسم الوجود فما لهم يبخلون بماله عنه.