الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } * { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } * { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَلاَ يَحْزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

{ الذين قال لهم الناس } قبل الوصول إلى المشاهدة { إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم } أي: اعتبروا لوجودكم واعتدّوا بكم فاعتدوا بهم { فزادهم } ذلك القول { إيماناً } أي: يقيناً وتوحيداً بنفي الغير وعدم المبالاة به، وتوصلوا بنفي ما سوى الله إلى إثباته بقولهم { حسبنا الله } فشاهدوه ثم رجعوا إلى تفاصيل الصفات بالاستقامة فقالوا: { ونِعْمَ الوكيل } وهي الكلمة التي قالها إبراهيم عليه السلام حين أُلقِيَ في النار فصارت برداً وسلاماً عليه { فانقلبوا بنعمة من الله وفضل } أي: رجعوا بالوجود الحقانيّ في جنة الصفات والذات كما مرّ آنفاً { لم يمسسهم سوء } البقية ورؤية الغير. { و } هم { اتّبعوا رضوان الله } الذي هو جنة الصفات في حال سلوكهم حين لم يعلموا ما أُخفي لهم من قرّة أعين وهي جنة الذات المشار إليها بقوله: { والله ذو فضل عظيم } فإن الفضل هو المزيد على الرضوان { يخوف أولياءه } المحجوبين بأنفسهم مثله من الناس أو يخوّفكم أولياءه { فلا تخافوهم } ولا تعتدوا بوجودهم { وخافونِ إن كنتم } موحدين، أي لا تخافوا غيري لعدم عينه وأثره { ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } لحجابهم الأصلي وظلمتهم الذاتية خوف أن يضروك { إنهم لن يضرّوا الله شيئاً } إملاء الكفار وطول حياتهم سبب لشدّة عذابهم وغاية هوانهم وصغارهم لازديادهم بطول عمرهم حجاباً على حجاب، وبعداً على بعد. وكلما ازدادوا بعداً عن الحق الذي هو منيع العزّة ازدادوا هواناً.