الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَبَآءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

{ ضُرِبَتْ عليهم الذِلة } لأنّ العزّة لله جميعاً، فلا نصيب فيها لأحد إلا لمن تخلّق بصفاته بمحو صفات البشرية، كالرسول والمؤمنين الذين هم مظاهر عزّته، كما قال الله تعالى:وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِين } [المنافقون، الآية: 8]، فمن خالفهم فهو مضادّ لصفة العزّة، مباين للأعزاء، فتلزمه الذلّة وتشمله على أي حال يكون، إلا برابطة ما بينه وبين أهل العزّة كقوله: { إلا بحبل من الله وحبل من الناس } أي: ذمّة وعهد، وذلك يكون أمراً عارضياً لا أصل له مرتبطاً برابطة مجعولة فلا تقابل صفتهم الذاتية اللازمة لهم التي هي الذلّة الناشئة من أصل نفوسهم. واستحقوا غضباً شديداً من عند الله لبعدهم وإعراضهم عن الحق، ولزمتهم المسكنة لانقطاعهم عن الله إلى نفوسهم فوكلهم إلى أنفسهم.