الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ }

{ يوم تبيض وجُوه وتَسود وجُوه } ابيضاض الوجه عبارة عن تنوّر وجه القلب بنور الحق للتوجه إليه والإعراض عن الجهة السفلية النفسانية المظلمة، وذاك لا يكون إلا بالتوحيد والاستقامة فيه بتنوّر النفس أيضاً بنور القلب. فتكون الجملة متنوّرة بنور الله واسوداده ظلمة وجه القلب بالإقبال على النفس الطالبة حظوظها والإعراض عن الجهة النوريّة الحقيّة لمصادقة النفس ومتابعة الهوى في تحصيل لذاتها، وذلك إنما يكون باتباع السبل المتفرّقة الشيطانية. { فأمّا الذين اسودّت وجوههم } فيقال لهم: { أكَفَرْتم بعد إيمانكم } أي: احتجبتم عن نور الحق بصفات النفس الظلمانية، وسكنتم في ظلماتها بعد هدايتكم وتنوّركم بنور الاستعداد، وصفاء الفطرة وهداية العقل { فذوقوا } عذاب الحرمان باحتجابكم عن الحق { وأما الذين ابيضّتْ وجوههم ففي رحمة الله } التي هي روح الوصال ونور القدس وشهود الجمال { هم فيها خالدون }.