الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } * { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ } * { قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ } * { قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ } * { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ }

{ اذهب بكتابي هذا } أي: الحكمة العملية والشريعة الإلهية { فألقه إليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون } أيقبلون الطاعة والانقياد أم يأبون { إنه من سليمان } أي: باسم الذات الموصوفة بإفاضة الاستعداد وما يخرج به ما فيه إلى العقل من الآلات وإفاضة الكمال المناسب له من الأخلاق والصفات. { ألاّ تعلو عليّ } ألا تغلبوا ولا تستعلوا { وائتوني } منقادين مستسلمين. وقولها: { يا أيها الملأ أفتوني } إلى آخره، إشارة إلى قابلية النفس ونجابة جوهرها ومخالفتها لأمر قواها في الاستعلاء والغرور بهيئة الشوكة والاستيلاء، وإن لم يمكنها القبول إلا بمظاهرتهم ومشاورتهم. وإفساد القرية وإذلال أعزّتها إشارة إلى منعها عن الحظوظ واللذات، وقمع ما يغلب ويستولي على القوى بالرياضات. { وإني مرسلة إليهم بهدية } من أموال المدركات الحسيّة والشهوات النفسية، واللذات الوهمية والخيالية، وإمداد المواد الهيولانية بتزيينها عليهم وتسويلها لهم على أيدي الهواجس والدواعي والبواعث { فناظرة } هل يقبلها فيلين ويميل إلى النفس أو يردّها فيتصلب في الميل إلى الحق { فما آتاني الله } من المعارف اليقينية والحقائق القدسية واللذات العقلية والمشاهدات النورية { خير مما آتاكم } من المزخرفات الحسيّة والخيالية والوهمية { بل أنتم بهديتكم تفرحون } لا نحن، وإنما فرحنا بما هو من عند الله لا بما ذكر.