الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ }

{ حتى إذا أتوا على وادي النمل } أي: نمل الحرص في جمع المال والأسباب في السير على طريق الحكمة العملية وقطع الملكات الرديّة { قالت نملة } هي ملكة الشره، ملكة دواعي الحرص. وكانت على ما قيل: عرجاء، لكسر العاقلة رجلها ومنعها بمخالفة طبعها عن مقتضاه من سرعة سيرها { يا أيها النمل } أي: الدواعي الحرصية الفائتة الحصر { ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده } أي: اختبئوا في مقارّكم ومحالكم ومباديكم لا يكسرنكم القلب والقوى الروحانية بالإماتة والإفناء. وهذا هو السير الحكمي باكتساب الملكات الفاضلة وتعديل الأخلاق وإلا لما بقيت للنملة الكبرى ولصغارها عين ولا أثر في الفناء بتجليات الصفات { فتبسّم ضاحكاً من قولها } أي: استبشروا بزوال الملكات الرديئة وحصول الملكات الفاضلة ودعا ربّه بالتوفيق لشكر هذه النعمة التي أنعم بها عليه بالاتصاف بصفاته وأفعاله والفناء عن أفعال نفسه وصفاتها. وعلى والديه، أي: الروح والنفس بكمال الأول وتنوّره وقبول الثانية وتأثرها بقوله: { ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه } بالاستقامة في القيام بحقوق تجليات صفاتك والعبادات القلبية لوجهك ونور ذاتك { وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين } أي: بكمال ذاتك في زمرة الكمل الذين هم سبب صلاح العالم وكمال الخلق.