الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } * { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } * { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ }

{ حنفاء لله } مائلين عن الطرق الفاسدة، والعلوم الباطلة، معرضين عن كل ما يغيره من الكمالات والأعمال، ولو لنفس الكمال والتزين به فإنه حجاب { غير مشركين به } بالنظر إلى ما سواه والالتفات في طريقه إلى ما عداه. { ومن يُشْرِك بالله } بالوقوف مع شيء والميل إليه { فكأنما خرّ من } سماء الروح { فتخطفه } طير الدواعي النفسانية والأهواء الشيطانية فتمزقه قطعاً جذاذاً { أو تهوي به } ريح هوى النفي في { مكان } بعيد من الحق ومهلكة عمياء متلفة { ومن يعظّم شعائر الله } من النفوس المستعدّة المسوقة نسائق التوفيق في سبيل الله ليهدي بها لوجه الله، فإنّ تعظيمها بتحصيل كمالها من أفعال ذي القلوب المتقية المجرّدة عن الصفات النفسانية والهيئات الظلمانية. { لكم فيها منافع } من الأعمال والأخلاق والكمالات العلمية والعملية { إلى أجل مسمى } هو الفناء في الله بالحقيقة { ثم محلها } حدّ سوقها وموضع وجوب نحرها بالوصول إلى حرم الصدر عند كعبة القلب إلى مقام السرّ، وترقي النفس إلى مقامه، فانية عن حياتها وصفاتها.