الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } * { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ } * { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } * { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } * { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }

{ حتى إذا فتحت يأجوج } القوى النفسانية { ومأجوج } القوى البدنية بانحراف المزاج وانحلال التركيب { وهم من كل حدب } من أعضاء البدن التي هي محالها ومقارها { يَنْسِلون } الذهاب والزوال { واقترب الوعد الحق } من وقوع القيامة الصغرى بالموت، فحينئذ شخصت أبصار المحجوبين لشدّة الهول والفزع، داعين بالويل والثبور، ومعترفين بالظلم والقصور. { إنكم وما تعبدون } أي: كل عابد منكم لشيء سوى الله محجوب به عن الحق، مرميّ مع معبوده الذي وقف معه في طبقة من طبقات جهنم، البعد والحرمان على حسب مرتبة معبوده { لهم فيها زفير } من ألم الاحتجاب وشدّة العذاب واستيلاء نيران الأشواق وطول مدة الحرمان والفراق { وهم فيها لا يسمعون } كلام الحق والملائكة لتكاثف الحجاب وشدّة طرق مسامع القلب لقوّة الجهل كما لا يبصرون الأنوار لشدّة انطباق الظلمة وعمى البصيرة. { إنّ الذين سبقت لهم منّا } السعادة { الحسنى } وحكمنا بسعادتهم في القضاء السابق { أولئك عنها مبعدون } لتجرّدهم عن الملابس النفسانية والغشاوات الطبيعية { لا يسمعون حسيسها } لبعدهم عنها في الرتبة { وهم في ما اشتهت } ذواتهم من الجنات الثلاث وخصوصاً المشاهدات في جنة الذات { خالدون } { لا يحزنهم الفزع الأكبر } بالموت في القيامة الصغرى ولا بتجلي العظمة والجلال في القيامة الكبرى { وتتلقاهم الملائكة } عند الموت بالبشارة أو عند البعث النفساني بالسلامة والنجاة، أو في القيامة الوسطى والبعث الحقيقي بالرضوان أو عند الرجوع إلى البقاء بعد الفناء حال الاستقامة بالسعادة التامّة.