الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ } * { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } * { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ }

{ واضمم يدك إلى جناحك } أي: اضمم عقلك إلى جانب روحك الذي هو جناحك الأيمن لتتنوّر بنور الهداية الحقانية، فإن العقل بموافقة النفس وانضمامه إليها وإلى جانبها الذي هو الجناح الأيسر لتدبير المعاش يتكدر ويختلط بالوهم فيصير كدراً جاسياً لا يتنوّر ولا يقبل المواهب الربانية والحقائق الإلهية، فأمر بضمه إلى جانب الروح ليتصفى ويقبل نور القدس { تخرج بيضاء } منورة بنور الهداية الحقانية وشعاع النور القدسي { من غير سوء } أي: آفة ونقص ومرض من شوب الوهم والخيال { آية أخرى } صفة منضمة إلى الصفة الأولى { لنريك } من آيات تجليات صفاتنا الآية { الكبرى } التي هي الفناء في الوحدة، أي: لتكون ببصرك في مقام تجليات الصفات، فنريك من طريقها وجهتها ذاتنا عند التجلي الذاتي، فتبصرنا بنا في القيامة الكبرى. { اذهب إلى فرعون إنه طغى } بظهور الأنائية، فاحتجب بها فتعدّى عن حدّ العبودية. وذلك يدل على أن النبوّة والرسالة غير موقوفة على الفناء الذاتي لأن الدخول في الأربعينية التي تجلى فيها له بالذات كان بعد هلاك فرعون، وهذه الرسالة والدعوة إنما كانت في مقام تجلي الصفات. ويقوي هذا ما قلنا مراراً: إن أكثر سير النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد النبوّة والوحي والاهتداء بالتنزيل.