الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } * { وِمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ } * { أُولَـٰئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } * { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ ٱتَّقَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوآ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } * { وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ }

{ فإذا قضيتم مناسككم } وفرغتم من الحجّ { فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشدّ ذكراً } أي: فلا تكونوا كأهل العادة مشغولين بذكر الأنساب والمفاخرات وسائر أحوال الدنيا، فإنّ ذلك يكدّر وقتكم ويقسي قلوبكم بل كونوا مشتغلين بأنواع الذكر والمذاكرة مع الإخوان مثل ما كنتم تذكرون أحوال الأنساب وسائر أحوال الدنيا قبل السلوك أو كما يذكر الناس هذه الأحوال بالعادة وأبلغ أو أقوى وأكثر ذكراً منها ليبقى صفاؤكم ويهتدي بكم الناس { فمن الناس من يقول ربنا } أي: لا يطلب إلا متاع الدنيا ولا يشتغل إلا بذكرها ولا يعبد الله إلا لأجلها { وما له في الآخرة من خلاق } فإنّ توجهه إلى الأخس يمنعه عن قبول الأشرف لعدم نهوض همّته إليه واكتساب الظلمة المنافية للنور. { ومنهم من يقول ربنا آتِنا } أي: يطلب خير كل من الدارين ويحترز عن الاحتجاب بالظلمة والتعذب بنيران الطبيعة والحرمان عن أنوار الرحمة { أولئكَ لهم نصيبٌ مما كَسبوا } من حظوظ الآخرة وأنوار دار القرار واللذات الباقية بالأعمال الصالحة بعد المحاسبة وحط بعض الحسنات بالسيئات والتعذيب بحسبها أو العفو. { واذكرُوا الله في أيام معدوداتٍ } أي: مراتب معدودة بعد الفراغ من الحجّ، وهو مرتبة الروح والقلب والنفس، لأن الواصل إذا رجع، رجع إلى هذه المراتب وعليه في المراتب الثلاث أن يكون بالله فذلك ذكره { فمن تعجّل في يومين فلا إثم عليه } أي: فمن تعجّل إلى حظوظه في مرتبة الروح والقلب فلا إثم عليه إذ الروح والقلب وحظوظهما لا يحجبان ولا يضران. ومعنى التعجل هو أن الحركة إذا كانت بالله كانت أسرع ولا يكون معها لبث ولا وقوف ريثما يظهر القلب أو الروح ويصير حجاباً نورياً كما يكون لأصحاب التلوين { ومن تأخر } إلى الثالث الذي هو مرتبة النفس { فلا إثم عليه لمن اتقى } أي: ذلك الحكم لمن اتقى أن يكون مع حظوظ النفس بالنفس، فإنّ النفس ألزم لحظها من صاحبيها وحظها أغلظ وأبعد من النور من حظوظهما وسريعاً ما تظهر للزوم الطيش والحركة إياها بخلاف صاحبيها وحظها أيضاً كثيراً ما يحجب، وإذا حجب كان حجابه غليظاً ظلمانياً فالاحتراز هناك والاحتياط واجب وأولى من الباقيين لأنهما إن ظهرا رقّ حجابهما وسهل زواله، أو ذلك التخيير لمن اتقى في المراتب الثلاث. { واتقوا الله } في المواطن الثلاثة من ظهور الأنانية والآنية حتى تكونوا في الحظوظ به لا بالنفس ولا بالقلب ولا بالروح { واعلموا أنكم إليه تُحْشرون } أي: أنكم محشورون معه تحشرون من اسم إلى اسم حاضرون بحضرته فأنتم على خطر عظيم بخلاف سائر الناس كما ورد في الحديث: " المخلصون على خطر عظيم " وعن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى:

السابقالتالي
2