الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ جَعَلْنَا ٱلْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَآ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَاكِفِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ }

{ وإذ جعلنا البيت } القلب { مثابة } أي: مرجعاً ومبّوأً { للناس وأمناً } ومحل أمن أو سبب أمن وسلامة لهم يأمنون بالوصول إليه والسكون فيه شرّ غوائل صفات النفس وفتك فتاك القوى الطبيعية وإفسادها، وتخييل شياطين الوهم والخيال، وإغوائهم ومكائدهم { واتخذوا من مقام إبراهيم } الذي هو مقام الروح ومقام الخلة { مصلى } موطناً للصلاة الحقيقية التي هي المشاهدة والمواصلة الإلهية والخلة الذوقية { وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل } أمرناهما بتطهير بيت القلب من قاذورات أحاديث النفس، ونجاسات وساوس الشيطان، وأرجاس دواعي الهوى، وأدناس صفات القوى { للطائفين } أي: للسالكين المشتاقين الذين يدورون حول القلب في سيرهم { والعاكفين } الواصلين إلى مقام القلب بالتوكل الذي هو توحيد الأفعال المقيمين فيه بلا تلوينات النفس وإزعاجها منه { والركع } أي: الخاضعين الذين بلغوا إلى مقام تجلي الصفات، وكمال مرتبة الرضا والسجود الفانين في الوحدة.