{ قال ما مكنّي فيه ربي } من المعاني الكلية والجزئية الحاصلة بالتجربة والسير في المشرق والمغرب { خير فأعينوني بقوة } أي: عمل وطاعة { أجعل بينكم وبينهم ردماً } هو الحكمة العملية والقانون الشرعي. { آتوني زُبُرَ الحديد } من الصور العملية وأوضاع الأعمال { حتى إذا ساوى بين الصدفين } بالتعديل والتقدير { قال } للقوى الحيوانية { انْفخوا } في هذه الصور نفخ المعاني الجزئية والهيئات النفسانية من فضائل الأخلاق { حتى إذا جعله ناراً } أي: علماً برأسه من جملة العلوم يحتوي على بيان كيفية الأعمال { قال آتوني أفرغ عليه قطراً } النية والقصد الذي يتوسط بين العلم والعمل، فيتحد به روح العلم وجسد العمل كالروح الحيواني المتوسط بين الروح الإنساني والبدن، فحصل سدّ، أي: قاعدة وبنيان من زبر الأعمال ونفخ العلوم والأخلاق وقطر العزائم والنيات، واطمأنت به النفس وتدبرت فآمنت. { فما اسْطَاعوا أن يظهروه } ويعلوه لارتفاع شأنه وكونه مشتملاً على علوم وحجج لم يمكنهم دفعها والاستيلاء عليها { وما اسْتَطاعوا له نقباً } لاستحكامه بالملكات والأعمال والأذكار. { قال هذا } السدّ، أي: القانون { رحمة من ربّي } على عباده، يوجب أمنهم وبقاءهم { فإذا جاء وعد ربّي } بالقيامة الصغرى { جعله دكّاً } باطلاً، منهدماً، لامتناع العمل به عند الموت وخراب الآلات البدنية. { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض } بالاضطراب والاختلاط، أي: تركناهم يختلطون لاجتماعهم في الروح مع عدم الحيلولة { ونفخ في الصور } للبعث في النشأة الثانية { فجمعناهم جمعاً } أو بالقيامة الكبرى حال الفناء وظهور الحق. جعله دكّاً لارتفاع العلم والحكمة هناك، وظهور معنى الحل والإباحة بتجلي الأفعال الإلهية وانتفاء الغير وفعله، { وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض } ، حيارى، مختلطين شيئاً واحداً لا حراك بهم. { ونفخ في الصور } بالإيجاد بالوجود الحقاّني حال البقاء { فجمعناهم جمعاً } في التوحيد والاستقامة والتمكين وكونهم بالله لا بأنفسهم.