{ وأما من آمن } بالعلم والمعرفة كالعاقلتين و الفكر والحواس الظاهرة { وعَمِل صالحاً } بالسعي في اكتساب الفضائل والانقياد والطاعة { فله جزاء } المثوبة { الحسنى } من جنة الصفات وتجليات أنوارها وأنهار علومها { وسنقول له من أمرنا يسراً } أي: قولاً ذا يسر بحصول الملكات الفاضلة. { ثم أتبع } طريقاً هي طريق الترقي والسلوك إلى الله بالتجرّد والتزكي { حتى إذا بلغ مطلع الشمس } أي: مطلع شمس الروح { وجدها تطلع على قوم } هم العاقلتان والفكر والحدس و القوة القدسية { لم نجعل لهم من دونها ستراً } أي: حجاباً لتنوّرهم بنورها وإدراكهم المعاني الكلية { كذلك } أي: أمره كما وصفنا { وقد أحطنا بما لديه } من العلوم والمعارف والكمالات والفضائل { خبراً } أي: علماً، ومعناه: لم يحط به غيرنا لكونه الحضرة الجامعة للعالمين فليس في الوجود من يقف على معلوماته إلا الله ولأمر ما سمي عرش الله. { ثم أتبع } طريقاً بالسير في الله { حتى إذا بلغ بين السدّين } أي: الكونين، وذلك مرتبته ومقامه الأصلي بين صدفي جبلي الإله والسير في المشرق والمغرب سفرة تنزلاً وترقياً { وجد من دونهما قوماً } هم القوى الطبيعية البدنية والحواس الظاهرة { لا يكادون يفقهوه قولاً } لكونها غير مدركة للمعاني ولا ناطقة بها. { قالوا } بلسان الحال { إنّ يأجوج } الدواعي والهواجس الوهمية { ومأجوج } الوساوس والنوازع الخيالية { مُفْسدون } في أرض البدن بالتحريض على الرذائل والشهوات المنافية للنظام والحث على الأعمال الموجبة للخلل فيه وخراب القوانين الخيرية والقواعد الحكمية وإحداث النوائب والفتن والأهواء والبدع المنافية للعدالة المقتضية لفساد الزرع والنسل { فهل نجعل لك خرجاً } بإمدادك بكمالاتنا وصور مدركاتنا { على أن تجعل بيننا وبينهم سدّاً } لا يتجاوزونه وحاجزاً لا يعلونه، وذلك هو الحد الشرعي والحجاب القلبي من الحكمة العملية.