الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِٱلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً } * { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً }

{ ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } أي: ليس من عالم الخلق حتى يمكن تعريفه للظاهرين البدنيين الذين لا يتجاوز إدراكهم عن الحسّ والمحسوس بالتشبيه ببعض ما شعروا به من التوصيف بل من عالم الأمر، أي: الإبداع الذي هو عالم الذوات المجرّدة عن الهيولى والجواهر المقدّسة عن الشكل واللون والجهة والأين، فلا يمكنكم إدراكه أيها المحجوبون بالكون لقصور إدراككم وعلمكم عنه { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } هو علم المحسوسات وذلك شيء نزر حقير بالنسبة إلى علم الله تعالى والراسخين في العلم. { ولئن شئنا لنذهبنَّ بالذي أوحينا إليك } بالطمس في محل الفناء أو الحجب بعد الكشف بالتلوين { ثم لا تجد لك به علينا وكيلاً } يتوكل علينا بردّه { إلاَّ } مجرّد رحمة عظيمة خاصة بك من فرط عنايتنا وهي أعلى مراتب الرحمة الرحيمية المتكفلة من عند الله تعالى بإفاضة الكمال التام عليه، أي: لو تجلينا بذاتنا لما وجدت الوحي ولا ذاتك إلا إذا تجلينا بصفة الرحمة واسمنا الرحيم فتوجد وتجد الوحي، وكذا لو تجلينا بصفة الجلال لاحتجبت عن الوحي والمعرفة { إنّ فضله } بالإيحاء والتعليم الرباني بعد موهبة الوجود الحقاني { كان عليك كبيراً } في الأزل.