الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } * { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً } * { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً }

{ ثم رددنا لكم } الدولة بتنوّركم بنور القلب وإقبالكم على الصدر وانصرافكم إلى مقتضى نظر العقل ورأيه { وأمددناكم بأموال } العلوم النافعة والحِكَم العقلية والشرعية والمعارف القلبية { وبنين } من الفضائل الخلقية والهيئات النورانية { وجعلناكم أكثر نفيراً } بكثرة الفضائل والملكات الفاضلة والأخلاق الحسنة. { إن أحسنتم } بتحصيل الكمالات الخلقية والآراء العقلية { أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم } باكتساب الرذائل والهيئات البدنية { فلها فإذا جاء وعد } المرة { الآخرة } بالفناء في التوحيد بعثنا عليكم عباداً من الأنوار القدسية والتجليات الجلالية والسبحات القهرية من الصفات الإلهية وجنود سلطان العظمة والكبرياء { ليسوؤوا وجوهكم } أي: وجوداتكم بالفناء في التوحيد، فيغلب عليكم كآبة فقدان الكمالات بقهرها وسلبها { وليدخلوا } مسجد القلب { كما دخلوه أول مرة } ووصل أثرها عليكم من العلوم والفضائل { وليتبروا ما علوا } بالظهور بكماله وفضيلته والإعجاب برؤية زينته وبهجته { تتبيراً } بالإفناء بصفات الله. { عسى ربكم أن يرحمكم } بعد القهر بالفناء والمحو بتجليات الصفات بالإحياء ويبعثكم بالبقاء بعد الفناء، ويثيبكم بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. { وإن عدتم } بالتلوين في مقام الفناء بالظهور بأنائيتكم { عدنا } بالقهر والإفناء كما قال تعالى:وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } [الإسراء، الآيات: 74-75] { وجعلنا جهنم } الطبيعة { للكافرين } المحجوبين عن الأنوار، الذين بقوا على فساد المرة الأولى { حصيراً } محبساً وسجناً يحصرهم في عذاب الاحتجاب والحرمان عن الثواب.