الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } * { وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } * { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً }

{ قل آمنوا به أو لا تؤمنوا } أي: أن وجوداتكم كالعدم عندنا. ليس المراد منه هدايتكم لكونكم مطبوعاً على قلوبكم لا محل لكم عند الله ولا في الوجود لكونكم أحلاس بقعة الإمكان معدومي الأعيان بالذات إنما الاعتبار بالعلماء الذين لهم وجود عند الله في عالم البقاء المعتدّ بهم في الأنباء، فانظر كيف تراهم عند تلاوته عليهم وسماعهم إياه { يخرّون } أي: ينقادون له ويعترفون به ويعرفون حقيقته لعلمهم به ومعرفتهم إياه بنورية الاستعداد ومناسبته له، وبنور كمالهم لتجرّدهم وعلمهم بأنه كان كتاباً من عند الله موعوداً ليس هو إلا إياه لما وجدوه مطابقاً لما اعتقدوه يقيناً فإن الاعتقاد الحق لا يكون إلا واحداً { ويزيدهم خشوعاً } باللين والانقياد لحكمه لتأثرهم به وحسن تلقيهم لقبوله. { قل ادعوا الله } بالفناء في الذات الجامعة لجميع الصفات { أو ادعوا الرحمن } بالفناء في الصفة التي هي أمّ الصفات { أيّاً ما } طلبت من هذين المقامين لست هناك بموجود ولا لك بقية ولا اسم ولا عين ولا أثر إذ الرحمن لا يصلح اسماً لغير تلك الذات ولا يمكن ثبوت تلك الصفة أي: الرحمة الرحمانية لغيرها فلا يلزم وجود البقية بخلاف سائر الأسماء والصفات { فله الأسماء الحسنى } كلها في هذين المقامين لا لك { ولا تجهر } في صلاة الشهود بإظهار صفة الصلاة عن نفسك فيؤذن بالطغيان وظهو رالأنائية { ولا تخافت } غاية الإخفات فيؤذن بالانطماس في محل الفناء دون الرجوع إلى مقام البقاء، فلا يمكن أحداً الاقتداء بك، { وابْتَغ بين ذلك سبيلاً } يدل على الاستقامة ولزوم سيرة العدالة في عالم الكثرة وملازمة الصراط المستقيم بالحق.