{ إنّ المتّقينَ } الذين تزكوا عن الغواشي الطبيعية وتجرّدوا عن الصفات البشرية { في جنّات } من روضات عالم القدس { وعُيُون } من ماء حياة العلم مقولاً لهم { ادخلوها } بسلامة من الهيئات الجسدانية وأمراض القلوب المانعة عن الوصول إلى ذلك المقام { آمنين } من آفات عالم التضادّ وعوارض الكون و الفساد، وتغيرات أحوال الأزمنة والموادّ. { ونزعنا ما في صدورهم من غلّ } أي: حقد راسخ وكل هيئة متصاعدة من النفس إلى وجه القلب الذي يليها بفيض النور واستيلاء قوة الروح وتأييد القدس، وهم الذين غلبت أنوارهم على ظلماتهم من أهل العلم واليقين فاضمحلت وزالت عنهم الهيئات النفسانية الغاسقة وآثار العداوة اللازمة لهبوط النفس والميل إلى عالم التضادّ، وأشرقت فيهم قوّة المحبة الفطرية بتعاكس أشعة القدس وأنوار التوحيد واليقين من بعضهم إلى بعض، فصاروا إخواناً بحكم العقد الإيمانيّ والتناسب الروحاني. { على سررٍ } مراتب عالية { مُتَقَابلين } لتساوي درجاتهم وتقارب مراتبهم وكونهم غير محتجبين. { لا يمسّهم فيها نصب } لامتناع أسباب المنافاة والتضادّ هناك { وما هم منها بِمُخْرجين } لسرمدية مقامهم وتنزّهه عن الزمان وتغيراته. وأما كيفية نزول الملائكة على النبيين وتجسد الأرواح العالية للمتجرّدين المنسلخين عن الهيئات البدنية المتقدّسين، فقد مرّت الإشارة إليها في سورة هود.