الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } * { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ أَن يَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { قَالَ لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ } * { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } * { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ }

{ ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون } أي: من العناصر الأربعة الممتزجة إذ الحمأ هو الطين المتغير والمسنون ما صبّ عليه الماء حتى خلص عن الأجزاء الصلبة الخشنة الغير المعتدلة المنافية لقبول الصورة التي يراد تصويرها منه. والصلصال ما تخلخل منه بالهواء وتجفّف بالحرارة { والجانّ } أي: أصل الجنّ وهو جوهر الروح الحيواني الذي تولّد منه قوى الوهم والتخيل وغيرهما { خلقناه من قبل من نار السموم } أي: من الحرارة الغريزية ومن بخارية الأخلاط ولطافتها المستحيلة بها، وإنما قال من قبل لتقدّم تأثير الحرارة في التركيب بالتمزيج والتعديل وإثارة ذلك البخار على صور الأعضاء بل القوى الفعالة المؤثرة متقدّمة على التركيب في الأصل وقد مرّ معنى انقياد الملائكة له وعدم انقياد إبليس. { فاخرج } من جنّة عالم القدس التي ترتقي إلى أفقه { فإنك } مرجوم، مطرود منها لكونك غير مجرّد عن المادة { وإنّ عليكَ } لعنة البعد في الرتبة { إلى يوم } القيامة الصغرى وتجرّد النفس عن البدن بقطع علاقتها أو الكبرى بالفناء في التوحيد { لأزينن لهم } الشهوات واللذات في الجهة السفلية { ولأغوينهم أجمعين إلا عِبَادك } أي: المخصوصين بك، الذين أخلصتهم من شوائب صفات النفس وطهّرتهم من دنس تعلق الطبيعة، وجرّدتهم بالتوجه إليك من بقايا صفاتهم وذواتهم، أو الذين أخلصوا أعمالهم لك من غير حظ لغيرك فيها { هذا صراطٌ عليّ } حق نهجه ومراعاته { مستقيم } لا اعوجاج فيه، وهو أن لا سلطان لك على عبادي المخلصين إلاّ الذين يناسبونك في الغواية والبعد عن صراطي فيتبعونك. { لها سَبعة أبْوَاب } هي الحواس الخمس والشهوة والغضب { لكلّ باب منهم جزء مَقْسوم } عضو خاص به، أو بعض من الخلق يختصون بالدخول منه لغلبة قوّة ذلك الباب عليهم.