الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } * { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ } * { مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } * { وَقَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } * { لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { مَا نُنَزِّلُ ٱلْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَا كَانُواْ إِذاً مُّنظَرِينَ } * { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ ٱلسَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ } * { لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ } * { وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي ٱلسَّمَاءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ } * { وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } * { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } * { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } * { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } * { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } * { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ ٱلْوَارِثُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَقْدِمِينَ مِنكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا ٱلْمُسْتَأْخِرِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ }

{ وقرآن مُبين } أي: جامع لكل شيء، مظهر له { ولقد جعلنا } في سماء العقل { بروجاً } مقامات ومراتب من العقل الهيولاني والعقل بالملكة والعقل بالفعل والعقل المستفاد { وزيناها } بالعلوم والمعارف { للناظرين } المتفكرين فيه { وحفظناها من كل شيطان رجيم } من الأوهام الباطلة { إلا من اسْتَرَق السمع } فاخْتَطف الحكم العقليّ باستراق السمع لقربه من أفق العقل { فأتبعه شهاب مُبِين } أي: برهان واضح فنطرده ونُبْطِل حكمه. وأرض النفس { مددناها } بسطناها بالنور القلبيّ { وألقينا فيها رواسي } الفضائل { وأنبتنا فيها من كل شيء } من الكمالات الخلقية والأفعال الإرادية والملكات الفاضلة والمدركات الحسيّة { موزون } معين مقدّر بقدر عقلي عدلي غير مائل إلى طرفي الإفراط والتفريط لكل قوة بحسبها { وجعلنا لكم فيها معايش } بالتدابير الجزئية والأعمال البدنية { ومن لستُم له بِرَازقين } ممن ينسب إليكم ويتعلق بكم، أو جعلنا في سماء القلب بروجاً مقامات كالصبر والشكر والتوكل والرضا والمعرفة والمحبة، وزيناها بالمعارف والحِكَم والحقائق { وحفظناها من كل شيطان رجيم } من الأوهام والتخيلاتإِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } [الحجر، الآية: 18] أي: إشراق نوري من طوالع أنوار الهداية. { وإنّ من شيء إلاّ عندنا خزائِنَه } أي: ما من شيء في الوجود إلا له عندنا خزانة في عالم القضاء أولاً بارتسام صورته في أمّ الكتاب الذي هو العقل الكليّ على الوجه الكليّ، ثم خزانة أخرى في عالم النفس الكليّة وهو اللوح المحفوظ بارتسام صورته فيه متعلقاً بأسبابه، ثم خزانة أخرى بل خزائن في النفوس الجزئية السماوية المعبّر عنها بسماء الدنيا ولوح القدر بارتسام صورته فيها جزئية مقدّرة بمقدارها وشكلها ووضعها { وما نُنزله } في عالم الشهادة { إلا بقَدرٍ مَعْلوم } من شكل وقدر ووضع ووقت ومحل معينة واستعداد مختص به في ذلك الوقت. { وأرسلنا } رياح النفحات الإلهية { لواقح } بالحكم والمعارف، مصفيّة للقلوب، معدّة للاستعدادات لقبول التجليات { فأنْزَلنا } من سماء الروح ماء من العلوم الحقيقية { فأسقيناكموه } وأحييناكم به { وما أنتم } لذلك العلم { بخازِنين } لخلوكم عنها. { وإنّا لنحن نُحْيي } بالحياة الحقيقية بماء الحياة العلمية والقيام في مقام الفطرة { ونُمِيت } بالإفناء في الوحدة { ونحنُ الوارثون } للوجود، الباقون بعد فنائكم. { ولقد علمنا المستقدمين منكم } أي: المستبصرين، المشتاقين من المحبين الطالبين للتقدّم { ولقد علمنا المستأخرين } المنجذبين إلى عالم الحس ومعدن الرجس باستيلاء صفات النفس ومحبة البدن ولذاته، الطالبين للتأخر عن عالم القدس { وإنّ ربّك هو يحشرهم } مع من يتولونه ويجمعهم إلى من يحبونه وينزعون إليه { إنه حكيمٌ } يدبر أمرهم في الحشر على وفق الحكمة بحسب المناسبة { عليمٌ } بكل ما فيهم من خفايا الميل والانجذاب والمحبة وما تقتضيه هيئاتهم وصفاتهم فسيجزيهم وصفهم.