الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } * { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَىٰ عَلَى ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ فَي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ }

{ وإذ قال إبراهيم } الروح بلسان الحال عند التوجه إلى الله في طلب الشهود { ربّ اجْعَل هذا البلد } أي: بلد البدن { آمناً } من غلبات صفات النفس وتنازع القوى وتجاذب الأهواء { واجْنِبْني وبنيّ } القوى العاقلة النظرية والعملية والفكر والحدس والذكر وغيرها. { أن نَعْبد } أصنام الكثرة عن المشتهيات الحسية والمرغوبات البدنية والمألوفات الطبيعية بالمحبة. { ربّ إنهنّ أضللن كثيراً من الناس } بالتعلق بها، والانجذاب إليها، والاحتجاب بها عن الوحدة { فمن تَبعني } في سلوك طريق التوحيد { فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور } تستر عنه تلك الهيئة المظلمة بنورك { رحيم } ترحمه بإفاضة الكمال عليه بعد المغفرة. { ربنا إني أسْكَنت من } ذريّة قواي { بوادٍ غيرَ ذِي زَرْع } أي: وادي الطبيعة الجسمانية الخالية عن زرع الإدراك والعلم والمعرفة والفضيلة { عند بيتك المحرّم } الذي هو القلب { ربنا ليقيموا } صلاة المناجاة والمكاشفة { فاجْعَل أفْئِدة } من ناس الحواس { تهوي إليهم } فتميزهم بأنواع الإحساسات وتمدّهم بإدراك الجزئيات وتميل إليهم بالمشايعة وترك المخالفة بالميل إلى الجهة السفلية واللذة البدنية { وارْزقهم } من ثمرات المعارف والحقائق من الكليات { لعلهم يَشْكرون } نعمتك فيستعملون تلك المدركات في طلب الكمال. { ربنا إنك تعلم ما نَخْفِي } مما فينا بالقوّة { وما نُعْلن } مما أخرجناه إلى الفعل من الكمالات { وما يخْفى على الله من شيء في } أرض الاستعداد { ولا } في سماء الروح.