{ ولله } ينقاد { من في السموات والأرض } من الحقائق الروحانيات كأعيان الجواهر وملكوت الأشياء { وظلالهم } أي: هياكلهم وأجسادهم التي هي أصنام تلك الروحانيات وظلالها، ولهذا قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السجدة: " سجد لك وجهي، وسوادي، وخيالي " أي: حقيقة ذاتي وسواد شخصي وخيال نفسي، أي: وجودي وعيني وشخصي { طوعاً وكرهاً } أي: شاؤوا أو أبوا، والمعنى يلزمهم ذلك اضطراراً، لأن بعضهم طائع وبعضهم كاره { بالغدوّ والآصال } أي: دائماً { قل أفاتَخَذْتُم من دُونِه } أي: من كل ما عداه كائناً من كان { أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرّاً } إذ القادر المالك هو الله لا غير. { أنزل } من سماء روح القدس ماء العلم { فسالت أودية } القلوب بقدر استعداداتها { فاحْتَمل } سيل العلم { زبداً } من خبث صفات أرض النفس ورذائلها ودناياها { ومما يوقدون عليه } في نار العشق من المعارف والكشوف والحقائق والمعاني التي تهيج العشق { ابْتِغَاء } زينة النفس وبهجتها بها لكونها كمالات لها { أو متاعٌ } من الفضائل الخلقية التي يحصل بسببها، فإنها مما يتمتع به النفس { زبد مثله } خبث كالنظر إليها ورؤيتها وتصور النفس كونها كاملة أو فاضلة متزينة بزينة تلك الأوصاف وإعجابها واحتجابها وسائر ما يعدّ من آفات النفس وذنوب الأحوال { فأما الزبد فيذهب جفاء } مرمياً به منفياً بالعلم كما قال تعالى:{ لِّيُطَهِّرَكُمْ بِه } [الأنفال، الآية: 11]، { وأما ما يَنْفع الناس } من المعاني الحقيّة والفضائل الخالصة { فيمكث } في أرض النفس.