الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } * { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً } * { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً }

{ إذا جاء نصر الله } أي:المدد الملكوتي والتأييد القدسي بتجليات الأسماء والصفات { والفتح } المطلق الذي لا فتح وراءه وهو فتح باب الحضرة الأحدية والكشف الذاتي بعد الفتح المبين في مقام الروح بالمشاهدة. { ورأيت الناس يدخلون في دين الله } أي: التوحيد والسلوك على الصراط المستقيم بتأثير نورك فيهم عند فراغك من تكميل نفسك { أفواجاً } مجتمعين كأنهم نفس واحدة تستفيض من فيض ذاتك قائمة مقام نفسك وهم المستعدّون الذين كانت بين نفسه عليه السلام وأنفسهم علاقة مناسبة ورابطة جنسية توجب اتصالهم به بقبول فيضه. { فسبح } أي: نزّه ذاتك من الاحتجاب بمقام القلب الذي هو معدن النبوّة بقطع علاقة البدن والترقي إلى مقام حق اليقين الذي هو معدن الولاية { بحمد ربّك } أي: حامداً له بإظهار كمالاته وأوصافه التامة عند التجريد بالحمد الفعلي { واستغفره } واطلب ستره ذاتك بذاته كما كان حال الفناء قبل الرجوع إلى الخلق أبداً { إنه كان توّاباً } قابلاً لرجوع من رجع إليه بإفنائه بنوره، ولما كمل الدين واستقرّت دعوته التي كانت بعثته لأجلها أمره بالرجوع إلى مقام حق اليقين الذي لا يستمر إلا بعد الموت، ولذلك " لما نزلت فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم استبشر الأصحاب وبكى ابن عباس فقال صلى الله عليه وسلم: " ما يبكيك؟ " قال: نعيت إليك نفسك! فقال عليه السلام: " لقد أوتي هذا الغلام علماً كثيراً ". " وروي أنها لما نزلت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إنّ عبداً خيّره الله بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء الله " ، فعلم أبو بكر رضي الله عنه فقال: فديناك بأنفسنا وأموالنا وآبائنا وأولادنا ". " وعنه أنه دعا فاطمة عليها السلام فقال: " يا بنتاه! نعيت إلي نفسي " فبكت فقال: " لا تبكي فإنك أول أهلي لحوقاً بي " ، فضحكت " وتسمى هذه السورة سورة التوديع، وروي أنه عاش بعدها سنتين ونزلت في حجة الوداع.