الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً إِنَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ بِٱلْقِسْطِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ }

{ إليه مرجعكم جميعاً } بالعود إلى عين الجمع المطلق في القيامة الصغرى كما هو الآن أو إلى عين جمع الذات بالفناء فيه عند القيامة الكبرى. { وعد الله حقاً إنه يَبْدأ الخلق } في النشأة الأولى { ثم يُعِيده } في النشأة الثانية { ليجزي } المؤمن والكافر على حسب إيمانهم وعملهم الصالح وكفرهم وعملهم الفاسد وهذا على التأويل الأول، وعلى الثاني: يبدأ الخلق باختفائه وإظهارهم ثم يعيدهم بإفنائهم وظهوره ليجزي الذين آمنوا به وعملوا الصالحات ما يصلحهم للقائه من الأعمال الرافعة لحجبهم المقربة إياهم { بالقِسْط } بحسب ما بلغوا من المقامات بأعمالهم من مواهبه الحالية والذوقية التي يقتضيها مقامهم وشوقهم، أو ليجزي الذين آمنوا الإيمان الحقيقي وعملوا بالله الأعمال التي تصلح العباد، أي جزاء بالتكميل بقسطهم أي بسبب عدلهم في زمان الاستقامة أو جزاء بحسب رتبتهم ومقامهم في الاستقامة { والذين } حجبوا في أي مقام كان { لهم شرابٌ من حَمِيم } لجهلهم بما فوقه وشكهم واضطرابهم إذ لو وصلوا إلى اليقين لذاقوا برده { وعذابٌ أليم } من الحرمان والهجران وفقدان روح الوجدان بسبب احتجابهم.