الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

قال تعالى { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ ٱللَّهِ } يعنى مشاهدات وكشف حجاب ورجاء وصال { وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ } بان يدعو لهم ويستزيد لهم مزيد قربات الله ثم قال تعالى على وجه استحسان ما انفقوا له اوليائه { أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ } اى انها وسيلة الى قربة الله بل من قربة الله منهم وقفهم ببذل وجودهم له ثم وصفهم بانهم سيدخلون فى حضرته وقربته وحجاب مملكته ويرونه بلا حجاب ولا عتاب بقوله { سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } رحمة مشاهدته ان يسترهم بكنفه عن غيره قال بعضهم من طلب القربة الى الله هان عليه ما يبذله فى جنب ذلك وكيف ينال القربة الى الله من لا يزال يتقرب الى ما يبعده من الله وهى الدنيا ثم وصف الله اهل سعادة الكبرى من سوابق زمرة الاعلى الذائقون طعم مجالس دنى فتدلى وكان قاب قوسين او ادنى بقوله { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ } اى السابقون بالارواح قبل الكون الى مشاهدة الازل بنعت المحبة والمعرفة والشوق حين اوجدها الحق من ممكن الغيب واحضرها لديه على جزائر النور ومجالس السرور فلا يزال طائرات باجنحة الرضا فى قضاء البقاء بنعت الفرح بالمنى فاذا تلبست باشباحها طلبت اماكنها ومعادنها فابصرت بنورها مراد تجلى القدم فسبقت اليها وسكنت بسبيل الاستقامة فى طريق المعرفة بطلب زيادة الزلفات وحقائق الوصلات قال ابن عطاء السابق من سبق له فى الازل حسن عنايته فيظهر عليه فى وقت ايجاده انوار تلك السابقة فانه ما وصل اليه احد الا بعد ان سبق له فى الاول منه لطف وعناية وقال الواسطى السّباق قولا وفعلا حذر النفس حسرة المسبوق ثم وصف السابقين لهم فقال { وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ } اى ادركوهم وادركوا ما هم فيه من لطائف الكرامات وانوار المشاهدات وقوله { بِإِحْسَانٍ } اى باحسان الله عليهم فى الازل حيث ارشدهم طريق المعارف فأحسنوا باحسان الله واحسانهم شهودهم حضرة الله بنعت استضاء نور الايقان والايمان والعرفان ثم بين تعالى ان هذه الكرامة لهم من حسن رضاه عنهم فى الازل بقوله { رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ } رضاه عنهم سابقة الاصطفائية منه لهم فى الازل فجعلهم راضين عنه بعد كشف لقائه لهم فقد اختاروا مشاهدة الله على ما سواها الى الابد قال جعفر { رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ } بما كان سبق لهم من الله من عنايته وتوفيقه { وَرَضُواْ عَنْهُ } بما من عليهم بمتابعتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم وقبول ما جاء به وانفاقهم الاموال وبذلهم المهج وقال النصرابادى ما رضوا عنه حتى رضى عنهم بفضل رضاه عنهم رضوا عنه.