الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ }

قوله تعالى: { وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً } بين الله سبحانه ان ارادة العباد لا يقع الاّ بارادته حيث يقول { وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ } نفى عنهم صدق الارادة ولو كانوا صادقين فى الارادة لاستجابوا بذل الوسع والطاقة ولكن سقمت ارادتهم فحصلت دون الخروج بارادتهم كذلك
لو صح منك الهوى ارشدت للحيل   
قال جعفر لو عرفوا الله لاستجابوا منه ولخرجوا له عن انفسهم وازواجهم واموالهم بذلا لأمر واحد من اوامره وقال بعضهم لو طلبوا التوكل لسلكوا سبيل الثقة بالله فانها الطريق اليه قوله تعالى: { وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ } وصف اهل النفاق الذين لدغتهم افاعى القهر بنعت عدم الترياق من مفرح الوفاق دعاهم بلسان الامر الى العبودية واجرى شقاوتهم فى سابق احكامه الازلية كانوا مخاطبين بالعبودية غير مكاشفين بجمال الربوبية امتحنهم بالامر وردّهم عن ساحة الكبرياء بالحكم طالبهم بالاعمال ومنعهم عن الاحوال قال جعفر طالب عباده بالحق ولم يجعلهم لذلك اهلا ثم لم يعذرهم ولامهم على ذلك الا تراه يقول { وقالوا لا تنفروا فى الحر } قال ابن الفرحى انما هو نعت واحد كالماء الواحد يسقى به الوان الشجر فيختلف ثمارها ولو سقى الورد بالبول ما وجد منه الا ريح الورود لو سقى الحنظل بماء الورد لما خرج الا الحنظل وريحه انما هى اللطيفة التى جرى بها الخذلان والتوفيق.