الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ } من كان مصطفى بتأييد الازل لا يحتاج الى نصرة احد غير الله ومن اعزه الله بعزته جعله ناصرا له وهو مستغنى عن نصرته وناصره تشرف نصرته او نصرة الخلق قائم بنصرة الحق ومن انقطع الى الله من الخلق اعانه الله على كل همة ويصل الى كل نعمة وصف تعالى نصرته لنبيه عليه السّلام حين أوى اليه فى دخوله مع صاحبه فى الغار بكشف جماله وابراز نوره منه لصاحبه اى من كان قادرا بنصرة من كان مخفيا وراء نسج العنكبوت على اعدائه بلا مددكم ولا عددكم وايضا هو بنصره ويجعله غالباً على كافة الخلائق مما اعطاهم من راية نصرة الازلية واعلام دولة الرسالة والنبوة قيل نصره الله حيث اغناه عن نصرتكم بقولهوَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } ومن كان فى ميدان العصمة كان مستغنيا عن نصرة المخلوقين الا تراه لما اشتد الامر كيف قال " بك اصول " فأمده الناصر والمعين ومعنى قوله { ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ } اشارة الى خاصية الصديق بصحبته الحبيب اذ كان مشربه من مشارب بحار نبوته وسواقى أنهار رسالته التى جرت من قلزم القدم ولولا تلك الاهلية لما كان فردا فى الصحبة كان الصديق فى منزل ما كان محمد وكان الله ولم يكن معه شئ من شقائق قدسه وبرقه من بروق انوار انسه خرجا من تلك الانوار ودخلا بها في الغار وعرف الحبيب الصديق خصائص المعيّة معه حين ورد عليه طوارق الامتحان واخرجته من رؤية الحدثان بقوله { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } اى لا تحزن بتغير الاصطفائية وانكسار حصون العصمة فهو معناه بمعنى القدرة والعلم الازلى وعناية الابدية وظهور مشاهدته من حيث القلب والروح والعقل بوصف المناجاة و المداناة وقال ابن عطاء فى قوله { ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ } قال فى محل القرب فى كهف الانوار فى الازل وقال فى قوله { لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } ليس من حكم من كان الله معه ان يحزن وقال الشبلى { ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ } تشخصه مع صاحبه وواحد الواحد بقلبه مع سيده وقال ابن عطاء فى قوله { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا } معناه ان الله معنا فى الازل حيث وصل بينا ووصل الصحبة ولم يتفضل قيل فى قوله { لاَ تَحْزَنْ } كان حزن ابى بكر اشفاقاً على النبى صلى الله عليه وسلم وقيل شفقة على الاسلام ان يقع فيه وهن وقال فارس انما نهى عن الحزن لان الحزن علة وانما هو تعريف أن الحزن لا يحل بمثله لانه فى محل القربة وقيل اخرجهما الغيرة الى الغار عليهما الحق فسترهما عن اعين الخلق لانهم كانوا فى مشاهدته يشهدهم ويشهدونه الا ترى كيف يقول عليه السّلام لابى بكر

السابقالتالي
2 3