الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَٰهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ }

قوله تعالى: { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ } عبر من بقى فى رؤية المقتدى عن رؤية الحق وان كان وسيلة منه فان فى افراد القدم من الحدوث الى النظر الى الوسائط شركاً وتصديق ذلك تمام الاية قوله { وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً } غيرة الوحدانية ما ابقت فى البين غير امن الشواهد والايات وجميع الخلق قال اللهقُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ } ولما راى عليه السّلام غيرة القدم على شانه استهلاك الغير زجر من مدحه وتجاوز فى المدح فقال " لا تطرونى كما اطرت النصارى المسيح " وتحرك فى تفريد سره من رفع الحدثان حين تكلم فى الصحو بعد السكر واخبر عن فناء الكل فى الكل وقطع مسالك الصورة عن افراد القدم بقوله " لى مع الله وقت لا يسعنى فيه ملك مقرب ولا نبى مرسل " بعد ان كان مامورا بمتابعة الخليل عليه السّلام بقولهأَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً } قال ابو يزيد فى مقالة التوحيد اياك ان يلاحظ الحبيب والكليم والخليل وتجد عند الله سبيلا وسئل الشبلى عن وصف جبرئيل عليه السّلام فقال والله ما خطر على قلبى منذ شهر ان الله خلق جبرئيل اخبر عن فناء شهوده فى شهود الله قال بعضهم فى هذه الاية سكنوا الى امثالهم فطلبوا الحق من غير مظانه وطرق الحق واضحة لمن كحل بنور التوفيق وبصر سبل التحقيق ومن عمي عن ذلك كان مردودا من طريق الحق الى طرق الضالين من الخلق وقد وقع انهم معيرون وموبخون بقلة عرفانهم اهل الحقائق وركونهم الى اهل التقليد وسقطوا عن منازل اهل التوحيد فى التفريد وهكذا شان من اقتدى بالزراقين من اهل السالوس المتزينين بزىّ المشايخ والعارفين المتحققين وتخلف خلف الجامعين للدنيا الذين يقولون نحن ابناء المشايخ ونحن رؤساء الطريقة يضحك الله الدهر ملجأهم حيث علموا ان الولاية بالنسب حاشا ان من لم يذق طعم وصال الله وقلبه معلق بغير الله هو من اولياء الله قال الجنيد اذا اراد الله بالمريد خيرا هداه الى صحبة الصوفية ووقاه من صحبة القراء ولو اشتغلوا بشأنهم وجمع دنياهم ولم يتعرضوا لاولياء الله ولم يقصدوا اسقاط جاههم يكفيهم شقاوتهم لا سيما ويطعنون الصديقين والعارفين قال الله فى شأنهم { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } كيف يطفئون نيرات حسبانهم انوار شموس الصفات التى تبرز من جباه وجوههم ولآلئ خدودهم واصلها ثابت فى افلاك الوحدانية وسماوات القيومية ويزيد نورهم على نور لانه تعالى بلا نهاية ولا منتهى لصفاته.