الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }

قوله تعالى { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ } اختار الله سبحانه قوما خاصا لمجالسة نبيه عليه السلام على الدوام وخصهم لالقاء الاسماع الخاصة لتلقف خطاب الحق من فلق الغيب وجعل الاخرين للاسفار والمجاهدات والرياضات ليبلغهم الى مقام المشاهدة والصحبة فالأولون اهل الحضور وشهود الغيب والموانسة بالصحبة وفهم الخطاب قال تعالى { لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ } اى ليفهموا حقائق احكام المعرفة والطريقة والحقيقة والشريعة والآخرون اذا تمكنوا فى العبودية ويدركون مقام اهل المؤانسة وفهم مراد الله من خطابه واذا الكل على سعادة من الازل حيث لحق بعضهم بعضاً لان شموس العناية اذا اشرقت يحادى الكل انوارها
اذا طلع الصباح لنجم راح   تساوى فيه سكران وصاحى
قال سهل افضل الرحلة رحلة عن الهوى الى العقل ومن الجهل الى العلم ومن الدنيا الى الاخرة ومن الاستطاعة الى التبري من الحول والقوة ومن النفس الى التقوى ومن الارض الى السماء ومن الخلق الى الله قال المرتعش السياحة والاسفار على ضربين سياحة لتعلم احكام الدين واساس الشريعة وسياحة لاداب العبودية ورياضة الانفس فمن رجع من سياحة الاحكام قام بلسانه يدعو الخلق الى ربه ومن رجع من سياحة الاداب والرياضة قام فى الخلق يؤدبهم باخلاقه وشمائله وسياحة هى سياحة الحق وهى رؤية اهل الحق والتأدب بادابهم فهذا بركته تعم العباد والبلاد قال الله { فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ } وقال سهل فى قوله { لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ } ليفهموا عن الله مراد خطابه ويقوموا باستعماله امروا به مخلصين له الدين ثم حثهم بقتال نفوسهم ومجاهدة هواهم بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ } الكفار النفوس الأبدة التى هى مجمع الهوى والبلاء والحجاب من عرفها قاتلها واماتها بفتون الرياضات حتى لا يبقى فى عرضات قلبه من عروق اشجار الشهوات اثر فينبت فيها بعد ذلك اشجار المعارف والكواشف ونور الحكمة ورياحين المودة وورد الشوق وياسمين العشق ويكون بهذه الانوار مزار جنود الاسرار ومنازل نزول الأنوار قال سهل النفس كافرة فقاتلها بمخالفة هواها وحملها على طاعة الله والمجاهدة فى سبيله واكل الحلال وقول الصدق وما امرت به من مخالفة الطبيعة وعن على بن موسى الرضا عن ابيه عن جعفر معناه مجاهدة النفس وشرورها فانه اقرب شئ يليك صدق الصادق حيث وافق قول سيد الصادقين صلوات الله عليه " اعدى عدوك نفسك التى بين جنبيك ".