الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ } إن الله سبحانه عرف الخلق كرمه القديم وفضله العميم يعطى الكثير ويقبل القليل ويرى من عبده كثير السيّات ويبدلها له بالحسنات اى يقبل توبة اسف على ما فاته من قربه فى زمان الطاعة ويأخذ صدقة الموقن بجزائه بكشف المشاهدة قال النصرابادى فرق بين القبول والاخذ لانه قد يقبل ثم يأخذ ولا يأخذ الا عن قبول فالاخذ اتم واعم وقال ايضا اخذ الصدقة اجل من قبول التوبة لذلك تقع فيه التربية قال النبى صلى الله عليه وسلم " إن الله يأخذها فيربيها كما يربى احدكم فلوه او فصيله " الحديث وعند عبده وخادمه والله اعلم ان القبول اتم من الاخذ لانه ربما ياخذ ولا يليق بنفسه ويعطي إلى غيره ولا يقبل بطيب ينفسه منه، بل يأخذ بطيب قلب المعطي، فإذا قبل بطيب نفسه يأخذ لنفسه ولا يعطى الى غيره وايضا يرى ان قبول التوبة اعظم من قبول الصدقة لان الصدقة شئ لا يتعلق بوجود التائب وما جرى على التائب من المعصية كراهية عند الله لاجل منازعته ومخالفته ونعمه تتعلق بالجبروت فاذا ندم وخضع وخجل بين يدى الله يصير خارجا عن صورة المنازعة وخاضعاً للربوبية فما كان فى نفسه من الايمان واليقين والندم والخجل اعظم من جميع الكون عند الله ان كان صدقة منه فانه يعظم الله ويصدقه وينزهه بفنائه فى عظمته وهذا عمل القلب والصدقة وما سواها عمل الجوارح واين عمل الجوارح عند عمل القلب وذكر الله اعظم من جميع الصدقات وجميع المعاملات فانه ذكر ذاته وصفاته قالوَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } قال النبى صلى الله عليه وسلم " حمد الحامد اعظم مما اعطى له من النعمة ".