الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } * { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون } كان عليه السلام رحمة تامة للجمهور حياة ومماتا صرف الله عذابه المستأصل عمن كان على رأس المخالفة وبنيه عليه السّلام بين اظهرهم لان كل عين نظرته واقتبست نوره لم يكن مستاصلة من اصلها وان كانت محجوبة عن رؤية مراتبه وشرف منازله لان عكسه وظله عليه السلام كنف رحمة الله وهو يدرك فى نفسه قارعة لتنبه من غفلته يتخلص من عذاب الله وايضا ما كان الله ليعذب قومك بعذاب البعد وانت قريب منهم فان من رآك رآنى لا يحتجب منا ما دام ينظر اليك قال ابو بكر الوراق ما كان الله ليظهر فيهم البدع وانت فيهم وما كان الله ليأخذهم بذنوبهم وهم يستغفرون قال بعضهم الرسول صلى الله عليه وسلم هو الامان الاعظم ما عاش وما دامت سنته باقية فهو باق واذا اميتت سنته فلينتظروا البلاء والفتن وقال الاستاذ وما كان الله ليعذب اسلافهم وانت فى اصلابهم وليس يعذبهم اليوم وانت فيما بينهم اجلالا لقدرك واكراما لمحلك واذا خرجت من بينهم فلا يعذبهم وفيهم خدمك الذين يستغفرون ويقال للجوار حرمت فجار الكرام في ظل إنعامهم والكفار إن تمتعوا بقرب الرسول عليه السّلام فقد اندفع العذاب بمجاورته عليهم وانشد فى هذا المعنى
واحبها واحب منزلها الذى   حلت به واحب اهل المنزل
ثم ان الله سبحانه ذكر انه يعذب من يعادى نبيه عليه السّلام فى الدنيا بالسيف ولا يعذبهم عذاب الاستئصال الا فى الاخرة بقوله { وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ ٱللَّهُ } لحرمة نبيه عليه السّلام وان المؤمن الصادق فى اعانة لا يعذبه الله فى الاخرة لان نبيه يكون فيهم يوم القيامة وبشرنا سبحانه انه لا يعذب امته ما دام هو فيهم فيكون فى الاخرة هو فيما بين المؤمنين فيدخل المؤمن النار لتحلة قسمه وبأن يطفئ بنوره ناره وذلك قوله عليه السّلام " جز يا مؤمن فقد اطفأ نورك نارى " يدخل المؤمنون عامةً فى النار فبقى الكفار فى النار والمؤمنون يمرون على الصراط كالبرق الخاطب فان وصل النار إلى المجرمين من أمتي لا تصل اليهم لجهة الخلود بل لجهة الخلوص وفى هذا المعنى قيل اذا سلم العهد الذى كان بيننا فردّى وإن شطّ المزار سليم وهكذا قال الاستاذ رحمة الله عليه ثم بيّن سبب ايصال العذاب الى الكافرين بقوله { وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَمَا كَانُوۤاْ أَوْلِيَآءَهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ ٱلْمُتَّقُونَ } كانوا يعملون شيئا ليس لهم فانهم ليسوا من اهل الحرم مع جهلهم بالله وهم لا يعلمون ان ليس لهم صد المؤمنين عنه فان احياء الكعبة هم الذين قدسوا اعينهم من النظر الى ما سوى الله غير الكعبة التى هي مرآة تجلى صفاته بقولهفِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ }