الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

قوله تعالى { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِين } وصف تعالى نفسه بالمكر ومكره منزه عن الحيل والمخائيل والاباطيل مكره سخطه السابق الذى ظهر سمات للعبد على وجوه المطرودين وسوابق المشيئة الازلية وامتناع جماله بعزته عن مطالعة غير العاشقين به فاخرجهم بصورة المقبولين وكانوا فى الازل من المطرودين فما عرفهم مكان قهره ومكره بهم وعليهم فابرز لهم انوار السعادة وازمهم فى ورطات قهرياته بازمة الشقاوة فرأوا على انفسهم حلى الطاعات وعقلوا عن ظلمات بواطنهم لانهم مطموسون بطمس مكر الازل قال تعالى فى وصفهمضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } هذا وصف مكر البعد وله قال فى الاولياء مكر انبساط وقرب وهو من علم المجهول وذلك مقام الالتباس حيث ظهر عين الصفة فى عين الفعل على حد الجمع والتفرقة وذلك لطائف مشاهدة المتشابهات من الاستواء والنزول وغيرهما من الصفات وما ذكرنا مجموعه فيكون فى اشارته عليه السّلام حين عاين العدم فى مرآة الحدث بقوله " رأيت ربى فى احسن صورة " وهذا محل العشق والبسط والانبساط والانس والشوق قال الشبلى المكر فى النعم الباطنة والاستدراج فى النعم الظاهرة وقيل المكر مكران مكر تلبيس ومكر هلاك وقال الاستاذ من جملة مكره اغترار قوم بما يرزقهم من الطيبات الجميل واجر كثير الطاعات عليهم مع شرب لهم من قبول الناس اياهم ثم اسرارهم يكون بالاغيار منوطة وهم عند الله غافلون وعند الناس انهم عند الله مكرمون وفى معناه قيل
وقد حسدونى قرب دارى منهمُ   فكم من قريب الدار وهو بعيد