الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

قوله تعال { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْض } منّ الله على اوليائه بانه وان عددهم قليل فهم عند الله عظيم فكثرهم بالاخوان من العارفين حين كانوا عند الاعداء خائفين من شرهم ومن شر معصيتهم وقلة احترامهم بقوله { تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ } لأنهم فى منادى الاحوال فلما آواهم الله الى مقام مشاهدته والبسهم لباس انوار هيبته وسقاهم شراب وصلته غلبوا بنصرة الله على اعداء الله وصاروا صاغرين عند هؤلاء الاولياء وذلك قوله تعالى { فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } آواهم من قهره الى لطفه ووسمهم بسمات قدرته واطعمهم من موائد قربته { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } تعرفون مشكوركم حين يعجزون عن اداء شكر معرفته قال الاستاذ رزق الاشباح من طيبات الغذاء ورزق الارواح والسرائر من صنوف الضياء فلما وقف بعوالى تلك الدرجات حذرهم الله عن الخيانة فى الطريق بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } اذا عرّفكم الله معالم الربوبية وحقائق العبودية واعلمكم علوم حكم المعرفة لا تكتموها عن اهلها من المريدين الصادقين وما وجدتم من ذلك من سرائر ربي وعلمه المأثور منه لا تمنعوا منه عمن يقتبس منكم قال عليه السلام " بلغوا عني ولو آية " واذا عرفتم ذلك اعملوا به ولا تخونوا فى تلك الامانة التى اودعها الله فى قلوبكم بترك رعايتها بنعت العمل والامر بالمعروف والنهى عن المنكر فذلك قوله { تَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } انكم خائنون فى تضييعكم من الله عليكم من علمه الذي علمكم وايضا من عرف الله والتفت عنه الى شيء غير الله فقد خان الله فى محبته وامانته ودائع معرفته فى صدور عباده التى توجب انفراد خواطرهم من كل عوارض نفسانية وشيطانية قال ابو عثمان من خان الله فى السر هتك ستره فى العلانية وقال بعضهم خيانة الله فى الاسرار من حب الدنيا وحب الرياسة والاظهار خلاف الاضمار وخيانة الرسول فى اداب الشريعة وترك السنن والتهاون بها وخيانات الامانات فى المعاملات والاخلاق ومعاشرة المؤمنين فى ترك النصيحة لهم.