الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَٰناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } * { ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } * { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ } * { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } * { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ }

{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ } لكل طائفة فى طريق المجاهدة والقتال مع النفس فتح وغنيمة فغنيمة المريدين صفاء المعاملات وغنيمة المحبين وذوق الحالات وغنيمة العارفين كشف المشاهدات والسؤال عن ذلك اقتباس نور الشريعة من مشكاة النبوة واستعلام الادب فى طريق المعرفة لله هذه الكرامة لا بالاكتساب يؤتيه من يشاء { وَٱلرَّسُولِ } الحكم فيه لجهة تربية الامة وان الله تعالى مستغنى عن الخليفة ورسوله يظهر فى اداء رسالته عن حظوظ نفسه ثم حذرهم بنفسه عن نفسه فى طريق مواساة عبادة بقوله { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } اى اتقوا الله فى طلبة لا تلتفتوا الى غيره واسوا قلوب اخوانكم ببذل مهجتكم اليهم فى مؤاخاتكم ومصادقتكم لله وفى الله { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ } فى الحقيقة واطيعوا الرسول فى الشريعة { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } اى ان كنتم صادقين فى دعوى المحبة قال سهل التقوى ترك كل شئ يقع عليه الذم وقال الاستاذ التقوى ايثار رضى الحق على مراد النفس تم وصف المؤمنين بالعلامات الصحيحة الدالة على صدقهم التى اذا رأتها لا تشك فى ايمانهم وذلك تاثير واردات نور الغيب التى ترد على قلوبهم فيظهر علامة فى وجوههم بقوله { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } وصف السّامعين من اهل الايمان والايقان عند جريان ذكره وسماع خطابه وتلاوة كتابه بالوجل الذى يكون عند سماع الذكر من رؤية جلال الله وعظمته تجلاها يزيد لايمانهم نور الغيب ولايقانهم سنا القرب ولحسن رضاهم فى طاعته روح الانس حتى تصيروا خائفين من عظمته عارفين بربوبيته متوكلين بكفايته قال شيخنا وسيدنا ابو عبد الله بن خفيف قدس الله روحه فى ذكر وجل فى هذه الآية قال واعلم ان احكام الوجل انما يصح للوجلين عند تكشف استار الوان وذهاب حجب الغفلات من القلوب فيشهد بقوة علمه وصفاء يقينه سطوات الخوف فداخله لطيف الوجل برقة الاشفاق وذلك مما احلى عن القلوب عن اجناته وتعظيمه وترهيبه كل ساتر قال ابو سعيد الخرار هل رأيت ذلك الوجل عند سماع الذكر أوعند سماع كتابه وخطابه أم هل اخرسك سماع ذلك الذكر حتى لم تنطق الا به وهل اصمك حتى لم تسمع الا به منه هيات وقال سهل فى قوله { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } هاجت من خشية الفراق فخشعت الجوارح لله بالخدمة وقال الواسطى الوجل على مقدار المطالعة ربما يربه مواضع السطور وربما يربه مواضع المودة والمحبة وربما يربه التقريب والتبعيد وقال الجنيد { وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } من فوات الحق وقال بعضهم الوجل على مقدار المطالعات فان طالع السطوة هاب به وان طالع وده وجل عليه مخافة فوته ومن جملة ذلك من طالع التقريب بالتأديب وجل ومن طالع التهديد بالتبعيد وجل ومن طالعه مغيبا عن شاهده قائما بسرمده خاليا من ازله وابده فلا وجل حينئذ ولا اضطراب ولا تباعد ولا اقتراب فانه محقق بالذوات ونسى الصفات وفنى عن الذات بالذات كما هرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصفات الى الذات فقال

السابقالتالي
2 3