الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ }

قوله تعالى { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * فَإِنَّ ٱلْجَنَّةَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } خاطب العباد بهذه الأية فى اوايل مقاماتهم حين وجب عليه تزكية النفوس عن شره هواها والميل الى حظوظها لانهم فى وقت قصودهم الى الله لا يجوز لهم الرخص والرفاهية فقد وجب عليهم الاعراض عن حظوظ انفسهم خوفا من الاحتجاب بها عن الوصول الى الله ولعلمهم بانه تعالى يحيط بحركات شهوات نفوسهم الخفية حين تميل بخفاياها الى مرادها مما دون الله فاذا جاهدوها وقهروها بتاييد الله اوصلهم الله مقام مشاهدته وهى جنة العارفين فاذا بلغوا الى درجات المعرفة لم يحتاجوا الى نهى النفس عن الهوى فان نفوسهم واجسامهم وشياطينهم صارت روحانية فجانست الارواح الملكوتية فشهوات نفوسهم هناك من تواثير حلاوة ارواحهم فى مشاهدة الحق فتشتهى الانفس ما تشتهى الارواح الارواح فى الغيوب والنفوس فى القلوب فنظرهم هناك الى كل شئ يكون للنفوس والأرواح جنات تظهر فيها انوار شهود الحق واين الكافر والمعطل والمدعى من هذا المقام وهم خلقوا من الجهالة فيموتون فى الضلالة واصحاب القلوب والمعارف عيش ارواحهم عيش الربانيين وعيش نفوسهم عيش الجنانيين والله قادر بذلك يختص برحمته من يشاء قال فان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " أسلم شيطانى " وقال نحن معاشر الانبياء اجسادنا روح قال بعضهم من تحقق فى الخوف الهاه خوفه عن كل مفروح به والزمه الكمد الى ان يظهر له الأمن من خوفه وقال سهل لا يسلم من الهوى الا الانبياء وبعض الصديقين ليس كلهم وانما سلم من المحوى من الزم نفسه الادب.