الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَٰتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } * { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ }

قوله تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ آمَنُواْ وَٱتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } ولو انهم شاهدوا ملكوتي واتقوا سوى جبروتي لتفتح على أرض قلوبهم انوار مشاهدة صفاتي وذاتي حتى يرون ملكوت الارض والسماء بصفة اللطف والجمال وتنبت فى صحارى قلوبهم رياحين الزلفة والقربة والشوق والعشق والمحبة واليقين والتجريد والمعرفة قيل معناه لو انهم صدقوا وعدى واتقوا مخالفتى لنورت قلوبهم بمشاهدتى وهى بركة السماء وزينت جوارحهم بخدمتى وهى بركة الارض وقوله تعالى { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } لله بكل قوم مكر فمكره بالعموم ممزوج بالقهر وهو ان يعطيهم اسباب العبودية ولم يوفقهم بها ويعطيهم لسان الشكر ولا يعرفهم حقائق استدراجه بسلب النعمة عنهم واخلاهم بلا نعمت ولا شكر ومكره بالخصوص ان يتلذذ ما وجدوا منه فى قلوبهم ويحجبهم بتلك الحلاوة عن ادراك ما فوق مقاماتهم من مكاشفة الغيوب فى القلوب ومكره بالمحبين والعاشقين ظهور الصفات فى الآيات وهو مقام الالتباس ومكره بالعارفين والموحدين ان يريهم نفسه على قدر قوة المعرفة والتوحيد ولا يعرفهم مكان المكر هناك بان يعلموا ان ما وجدوا منه عندما ما لم يجدوا منه كقطرة فى بحار وذلك من حلاوة مباشرة انوار القدم والبقاء فى اسرار ارواحهم وقلوبهم وعقولهم ولو اطلعوا على حقائق مكره حيث حجبهم به عنه لذابوا من الحياء تحت انوار سلطان كبريائه وعظمته ومكره باهل الاتحاد ان يريهم جلاله وجماله فى مراة قلوبهم فيرونه بحسن الازل وجمال الابد بنعت فنائهم فيه فيبقيهم به من حد الفناء فيرون انفسهم كانهم هو من حدة مباشرة الصفة بالفعل فيحتجب عليهم ويبقيهم فى حلاوة تأثير انوار الصفات فيرون انفسهم فى محل الربوبية فيدعون هناك بالاناينة كحسين بن منصور وابى يزيد قدسا لله روحهما فهناك اخفى المكر والطف الاستدراج ولولا فضله وكرامته عليهم لابقاهم فيما هم فيه ولكن بلطفه الخفى وانعامه الجلى اخرجهم من ذلك واغرقهم فى بحار عظمته حتى اقروا بانهم ليسوا على شىء منه وانهم فى اول درجة من عبودتيه الا ترى الى قول ابى يزيد فى اخر عمره حيث قال ما ذكرتك الا عن غفلة ولا عبدتك الا عن فترة والى قول حسين بن منصور فى وقت قتله قال اتقتلون رجلاً ان يقول ربى الله وهذا الطف الله نبينا صلى الله عليه وسلم حيث حرسه من هذا المكر الخفى فى مقام رؤية الا على شهود قاب قوسين او ادنى بقوله " لا احصى ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك " ذوقه طعم الربوبية واوفقه فى مقام العبودية حتى افتخر بعبوديته بعد وجدان ربوبيته بقوله انا العبد لا اله الا اله وكل صنيع منه لطيف باوليائه ان مكرهم وان لم يمكرهم ومن نجا من مكره والكل فى قبضة العزة متحيرون وكيف يامن به منه من يعرفه بالربوبية ويعرف نفسه بالعبودية حكى ان رجلاً سأل الشبلى عن معنى مكر الله فأنشأ الشبلى بقوله

السابقالتالي
2