الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

قوله تعالى { وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ } للحق سبحانه موازين يزن بها الاحوال والاعمال يزن بميزان الاخلاص المعاملات ويزن بميزان الصدق الحالات فكل عمل عمل برؤية الاعواض ورؤية العمل والالتفات فيه الى غير الله فهو ساقط عن محل القبول وكل حالة صاحبها موجب بها فهى ساقطة عن درجة الوصول فالنيات موازين المعاملات والصدق ميزان الحالات فمن هٰهنا يزن نفسه بميزان الرياضات والمجاهدات ويزن قلبه بميزان المراقبات ويزن عقله بميزان الاعتبارات ويزن روحه بميزان المقامات ويزن سره بميزان المحاضرات ومطالعة الغيبيات ويزن صورة بميزان المعاملات الذى كفتاه الحقيقة والطريقة ولسانه الشريعة وعموده العدل والانصاف يوزن نفسه يوم القيامة بميزان الشرف ويوزن قلبه بميزان اللطف ويوزن عقله بميزان النور ويوزن روحه بميزان السرور ويوزن سره بميزان الوصول ويوزن صورته بميزان القبول فاذا ثقلت موازينه بما ذكرنا فجزاء نفسه الامن من الفراق وجزاء قلبه مشاهدة مشوق فى الاشواق وجزاء عقله مطالعات الصفات وجزاء روحه كشف انوار الذات وجزاء سره ادراك اسرارا المقدميات وجزاء صورته الجلوس في مجالس وصال الابديات وايضا ههنا لاهل الحق موازين ميزان الارادة وميزان المحبة وميزان الشوق وميزان العشق وميزان المعرفة وميزان اليقين وميزان التوحيد فهذه سبعة موازين فينبغى ان يزن المريد نفسه فى كل نفس بميزان الارادة ويزن المحب قلبه فى كل نفس بميزان المحبة ويزن المشتقاين عقله فى كل نفس بميزان الشوق ويزن العاشق روحه فى كل نفس بميزان العشق ويزن العارف سره فى كل نفس بميزان المعرفة ويزن الموقن انفاسه فى كل نفس بميزان اليقين ويزن الموجد جميع وجوده بميزان التوحيد فيستوف المريد بميزان ادارته عن نفسه انقيادها للحق عند جريان القضاء والقدر عليها ويستوفى المحب بميزان محبته عن قلبه شهود فى الحضرة بلا خطرات المذمومة والالتفاتات المشوبة بنعت النيات الصافية ويستوفى المشتاق بميزان شوقه من عقله جولانه فى الشواهدات لطلب عرفان المشاهدات بلا فترة ولا رعونة ويستوفى العاشق بميزان عشقه من روحه طيرانها فى الملكوت لطلب الجبروت ويستوفى العارف بميزان معرفته من سره اصغاء بنعت الشهود لكشوف انوار الغيب وغوصه فى بحر الهموم لطلب جوهر الالهام ويستوفى الموقف بميزان اليقين من انفاسه صعودها عند تنفسها الى معارف القرب بلا هواجس اليقين وغبار الوسواس ويستوفى الموحد بميزان توحيده من جميع وجوده اضمحلاله فى انوار كبريائه القدم وفنائه فى سبحات الابد فمن ثقلب هذه الموازين له افلح عن حجبة الامتحانات وتنقل موازين الحضرة غدا بفيض انوار صفات الحق ولطائف ذاته وكرامات قربته له فيفلح هناك بالله عن غير الله ويصير اهل الله لانه خرج عن موازين صفاته وانوار ذاته بنعت المعرفة والتوحيد والمحبة فطوبى لهذه المحاسب طوبى له وحسن مأب قال الشيخ ابو عبد الرحمن السملى فى تفسير هذه الأية ومن وزن نفسه بميزان العدل كان من المحبين ومن وزن خطراته وانفاسه بميزان الحق اكتفى بمشاهدته والموازين مختلفة ميزان للنفس والروح وميزان للقلب والعقل وميزان للمعرفة والسر فميزان النفس والروح الامر والنهى وكفتاه الكتاب والسنة وميزان القلب والعقل والثواب والعقاب وكفتاه الوعد والوعيد وميزان المعرفة والسر الرضا والسخط وكفتاه الهرب والطلب وقال الاستاد يوزن اعمالهم بميزان الاخلاص واحوالهم بميزان الصدق فمن كانت اعماله بالرياء مصحوبة لم يقبل اعماله ومن كانت احواله بالاعجاب مشوبة لم يرفع احواله وافهم يا صاحبى ان حكمه وزن الاعمال يوم القيامة للعباد ان الله يبين لهم ما كان مكتوبا فى اللوح المحفوظ قبل الخلق مما يجرى عليهم من القضاء والقدر والرضا والسخط والشقاوة والسعادة مقابلة بما جرى عليهم فى الدنيا الذى فى اوراق الحساب التى فى يدى الملائكة ليزيدهم برهانا وعيانا وعلما بعلمه المحيط على كل شىء وليكون حجة عليهم خرج اعمالهم على وفق ما كان مكتوبا عليهم وافهم يا صاحبى ان الاعمال اعراض كيف تكون موزونة ليس هذا فى علم الخلق ان ميزانه الحقيقى رده وقبوله وهو قادر ان يخرج الاعراض بصور الجواهر فيرن بميزانه الذى يظهره لهم يوم القيامة وذلك على لسان الشرع يوجب الايمان به قال ابن عباس توزن الحسنات والسيئات فى ميزان له لسان وكفتان فاما المؤمن يؤتى بعلمه فى احسن صورة فيوضع فى كفة الميزان وهو الحق فيثقل حسناته على سيئاته فيوضع عمله فى الجنة فيعرفها بعمله فذلك قوله تعالى فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون وهم اعرف بمنازل لهم فى الجنة اذا انصرفوا اليها من اهل الجمعة اذا انصرفوا الى منازلهم واما الكفار فيوتى باعمالهم فى اقبح صورة فتوضع فى كفة الميزان وهى الباطل فيخف وزنه حتى تضع فى النار ثم يقال للكافر الحق بعملك.