الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ }

قوله تعالى { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِيۤ آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } اخبر سبحانه عن سر تقدير الازل الذى فى نفسه فى اول الاول قبل كل قبل لا تغائر الزمان وتواتر الملو ان وذلك ارادة سابقة ازلية ذاتية صفاتيه احدية يكون بوجود ايجاده بظهور وجوده تعالى له فتقاضت الارادة من العلم والعلم من القدرة من جيمع الصفات والصفات من الذات بغير تفرقه ولا جمع بل الوحدانية فاجابت الصفات للذات والذات للصفات من غير حاجة ولا وحشة والا انس بالحدثان بل الوجود اهل العرفان فمضى ادهار الازلية بلا زمان ولا مكان بل قدم فى القدم وازل فى الازل اخبر عن علم القديم لا من الوقت الا ترى الى قوله واذا وليس عنده صباح ومساء لما تم ادهار الاولية التى هو دهر الدهار المنزهة عن المكان والزمان وتمامها وقت ايجاد الاكوان والحدثان وابراز اهل العرفان من معدن العيان تجلت انوار الذات لانوار الصفات وتجلت انوار الصفات لانوار الذات ثم تجلى الذات بجميعها للارادة والمحبة ثم تجلت الارادة والمحبة فعل الخاص لفعل العام ثم تجلى الفعل للعدم واخرج من مكمن الغيب الارواح تبعت ايجادها فاجادها برؤية تجلي الفعل العام ثم كساها نور فعل الخاص ثم احضرها مشارب المحبة والارادة فسقاها من عين المحبة شراب العشق ومن عين الارادة شراب التوحيد فاشتاقت من شراب المحبة وسكرت من هذه العشق وبهجت الى معدن الصفة وطارت باجنحة التوحيد فى انوار الصفات ثم طارت بنور الصفات فى انوار الذات ففنيت فى القدم برؤية القدم وبقيت فى البقاء برؤية البقاء فترفرفت كل واحدة على مورد من موارد الصفات وسكنت فى العيون الصفات الارواح فبضعها فى عين العظمة وبعضها فى عين الجلال وبعضها فى عين الجمال وبعضها فى عين الكبرياء وبعضها فى عين القدم وبعضها فى عين البقاء وبعضها فى عين البهاء وبعضها فى عين الحسن وبعضها فى عين القدس وبعضها فى نور الانس وبعضها فى سنا وبعضها فى نور الاسماء والنعوت وبعضها فى عين الحياة وبعضها فى نور السمع وبعضها فى نور البصر وبعضها فى نور الكلام وبعضها فى نور الوجه وبعضها فى نور القدرة وبعضها فى نور العلم وبعضها فى نور المشية والارادة وبعضها فى صفات الخاصة من الاستواء وغيره من الصفات وبعضها فى نور العطاء وبعضها فى نورا للطف وبعضها فى عين القهر وكل احدة منها قويت لسجية موردها وقوة شربها ولكل واحدة اشتاقت فيها الى معدنها لذلك طباعها مختلفة فى المقامات والحالات والمكاشفات والمشاهدات فوقعت اهل الالطاف فى عيون المعرفة فبقيت فى المعرفة ابدا ووقعت اهل القهريات فى النكرة فبقيت فى النكرة ابدا الا ترى الى مناهجهما من الكفر والايمان فلما اراد سبحانه عبوديتها اخرجها من الغيب الى صورة البشرية بنعت الامتحان والعبودية وكساها لباس الصلصالية بقوله واذ اخذ ربك من بنى ادم من ظهروهم ذريتهم اخرجهم جميعا بظهور وجوده لهم فخرجوا جميعا بنور ظهره وتجلى صفاته وذاته اخذهم بمباشرة الصفة فى الفعل فوصل بركة اخذه الى اهل معرفته لان اخذه لهم اخذ لطف ووصل وقهر اخذه الى اهل النكرة لانهم اهل قهر فمن خرج بلباس اللطف شاهد الحق مشاهدة عيان ومن خرج بنعت القهر شاهد قهر الحق مشاهدة امتناع وحجاب لذلك بعضهم حجدوه اشهدهم على انفسهم ليغيبوا عن مشاهدته ولو اشهدهم مشاهدته ما احتاجوا الى تعريف الخطاب بقوله الست بربكم كانوا فى الاول شاهدين ثم كانوا غائبين فلما صاروا غائبين عرفهم تلك المواريد والمشارب فى زمان الاول حين خرجوا من العدم بنور القدم الست بربكم خطاب تعريف وتذكير معاهد الاولية وانشد فى معناه

السابقالتالي
2 3