الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ }

قوله تعالى: { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } وصل الى كليم الله المضرب قهر ترانى ورجع غضبانا منه عليه من غلبة انبساطه وشربه وكرس سم افاعى الفرق اسفا مما فات من وصول الوصول ورجع الى قومه مع شريعة العبودية فى تلك الحالة وراى عبده العجل صار كاسود الجياع واخيه فان الكليم رجع من باب الازل الذى كان الحدثان هناك باسرها اقل من ذرة فراى دناءة هم القوم حين اختراوا مصنوعهم بالالهية واين العقل والفهم والعلم والانسانية هناك والعقل لا يقبل من وصفه التغير والاصوات والخوار والمشابهة والجسدية والمماثلة بالالوهية المنزعة عن المتشابهه باشكال الحدثان الا ترى ان الله عز وجل وصف العجل بالعرض والجوهر حيث قال عجلا جسدا له خوار ووصفه بانه لا يكلمهم من عجزه عن ابداع الكلام ولا يهديهم الى سبيل نجاتهم من قهر ربوبيته الازل وليس من يقدر بالكلام فهو اله ارادته لا يكلمهم مثل كلام الازلى الذى يكلمهم الله الذى من وصفه انه صفة الازل المنزه عن الخوار والاصوات والهمهمة والانفاس والحروف والقياس قيل اسفا على ما فاته من مخاطبة الحق الى مخاطبة من لا اوزان لهم فرده من شوقه الى مشاهدة لئلا يقطعه وحال شوقه ومن بقيه سكره وغضبه من فوت مكالمة الحق واسفه على قوت مشاهدته القى الالواح واخذ برأس اخيه يجره اليه ان الله سبحانه علم شوق موسى الى جماله وعشقه بوجهه فاراه كل وقت ما اغاره عليه لزيادة حرقة وهيجانه اغضبه لان الله احب غضب كليمة وهكذا عادة الاحباب فابرز من اول اللوح نعوت نبينا صلى الله عليه وسلم فلما راى بينه وبين حبيبه من اقرب منه اليه غضب من غيرة العشق وهكذا شان العاشقين وايضا ذكر ايام الوصال وطيب المناجاة بغير واسطة الالواح فالجاء فوت تلك المقامات الى كسر الالواح فالقى الالواح لانها عارضة بينه وبين خطاب محبوبه صرفا بلا واسطة وجراخيه اليه لانه راه فى مقام الشريعة مشغولا عن تلك المواقف القدسية التى خرج منها قال ابو سعيد القرشى من تحرك غيرة للحق فان الحق يحفظ عليه حدوده لئلا يخرجه الحركة الى شىء مذموم كموسى لما القى الالوح واخذ برأس اخيه يجره لما راى قومه يعبدون العجل فلم يعابته الله على ذلك ولو باشر احد من الكسر والاخذ ما باشر موسى كان ملوما ولكن حركة موسى كانت ملاحظ لموسى فيه بل قام غيره الله وانتقاله فلم يزدد بذلك من الله الا قربا.