{ إِنِّيْ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِيْ فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } اى انى متوجه بعد تبرئي من الحدث بنعت تجريدى فى التوحيد الى شرف القدم الذى بدا من انوار فعله كل وسيلة وهذا معنى قوله تعالى { حَنِيفاً } مسلما حنيفا قائلا عما دونه مسلما منقاداً بنعت الرضا عنده { وَمَآ أَنَاَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِيْنَ } الذين يشيرون الى الوسائط فانى ذاهب الى ربى سيهديني منى اليه حتى ابقى بنعت الفناء فيه قبل كمن فيه كواكب الوحدانية وشموسها واقمارها فغلب بها الشكوك فى رؤية الاقمار والنجوم والشموس قال الواسطى فى قوله{ رَأَى كَوْكَباً } قال انه كان يطالع الحق بسره لا الكوكب وكذلك الشمس والقمر بقوله{ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } عند رجوعه الى اوصافه بارتفاع المعنى البادى عليه اى لا احب زوال ما استرقّ ذاتى من لذة المشاهدة فاذهلنى واحضرنى فيه وقال بعضهم لما أظلما عليه الكون وعمى عن الاختيار وألجأه الاضطرار الى نفس الاضطرار ورد على قلبه من أنوار الربوبية فقال{ هَـٰذَا رَبِّي } ثم كوشف له عن انوار الهيبة فازداد نورا فصاح ثم افنى بنور الالهية عن معنى البشرية فقال{ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي } ثم ابقى ببقاء الباقى فقال{ يٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } قال الواسطى فى قوله{ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي } لئن لم يقمنى ربى على الهداية التى شاهدتها باعلام بواديه{ لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } فى نظرى الى نفسى وبقائى فى صفاتى قيل فى قوله{ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } من الاستدلال بالمخلوقات على الخالق بعلمى انه لا دليل على الله سواه قال الواسطى فى قوله { وَمَآ أَنَاَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِيْنَ } أي منى الدعوة ومن الله الهداية وقال جعفر عليه السلام فى قوله { إِنِّيْ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ } يعنى أسلمت قلبي للذى خلقه وانقطعت اليه من كل شاغل وشغل بالذى فطر السموات والارض فان الذى رفع السموات بغير عمد ترونها واظهر فيها بدائع صنعه قادر على حفظ قلبى من الخواطر المذمومة والوساوس التى لا تليق بالحق قال بعضهم كان لابراهيم خليل الرحمٰن عليه السلام مقامات الاول مقام الفاقة والثانى مقام النعمة والثالث مقام المعذرة والرابع مقام المحبة والخامس مقام المعرفة والسادس مقام الهيبة فتكلم فى مقام الفاقة بلسان الدعوة فقال{ ٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ } وفى مقام النعمة بلسان الشكر وقال{ ٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } وفى مقام الاعتذار بقوله{ وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } وفى مقام المحبة بلسان المودة{ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } وفى مقام المعرفة بلسان الانبساط{ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } وفى مقام الهيبة بالسكون لما قال له جبرئيل هل لك من حاجة قال اما اليك فلا وقال الاستاذ في قوله { فلما كوكبا } يعني أحاط جوف الطلب ولم يخيل له صباح الوجود فطلع له نجم العقول فشاهد الحق بسره بنور البرهان فقال