الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَٰجُّوۤنِّي فِي ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * { وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ }

{ إِنِّيْ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِيْ فَطَرَ ٱلسَّمَٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } اى انى متوجه بعد تبرئي من الحدث بنعت تجريدى فى التوحيد الى شرف القدم الذى بدا من انوار فعله كل وسيلة وهذا معنى قوله تعالى { حَنِيفاً } مسلما حنيفا قائلا عما دونه مسلما منقاداً بنعت الرضا عنده { وَمَآ أَنَاَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِيْنَ } الذين يشيرون الى الوسائط فانى ذاهب الى ربى سيهديني منى اليه حتى ابقى بنعت الفناء فيه قبل كمن فيه كواكب الوحدانية وشموسها واقمارها فغلب بها الشكوك فى رؤية الاقمار والنجوم والشموس قال الواسطى فى قولهرَأَى كَوْكَباً } قال انه كان يطالع الحق بسره لا الكوكب وكذلك الشمس والقمر بقولهلاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } عند رجوعه الى اوصافه بارتفاع المعنى البادى عليه اى لا احب زوال ما استرقّ ذاتى من لذة المشاهدة فاذهلنى واحضرنى فيه وقال بعضهم لما أظلما عليه الكون وعمى عن الاختيار وألجأه الاضطرار الى نفس الاضطرار ورد على قلبه من أنوار الربوبية فقالهَـٰذَا رَبِّي } ثم كوشف له عن انوار الهيبة فازداد نورا فصاح ثم افنى بنور الالهية عن معنى البشرية فقاللَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي } ثم ابقى ببقاء الباقى فقاليٰقَوْمِ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } قال الواسطى فى قولهلَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي } لئن لم يقمنى ربى على الهداية التى شاهدتها باعلام بواديهلأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } فى نظرى الى نفسى وبقائى فى صفاتى قيل فى قولهإِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } من الاستدلال بالمخلوقات على الخالق بعلمى انه لا دليل على الله سواه قال الواسطى فى قوله { وَمَآ أَنَاَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِيْنَ } أي منى الدعوة ومن الله الهداية وقال جعفر عليه السلام فى قوله { إِنِّيْ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ } يعنى أسلمت قلبي للذى خلقه وانقطعت اليه من كل شاغل وشغل بالذى فطر السموات والارض فان الذى رفع السموات بغير عمد ترونها واظهر فيها بدائع صنعه قادر على حفظ قلبى من الخواطر المذمومة والوساوس التى لا تليق بالحق قال بعضهم كان لابراهيم خليل الرحمٰن عليه السلام مقامات الاول مقام الفاقة والثانى مقام النعمة والثالث مقام المعذرة والرابع مقام المحبة والخامس مقام المعرفة والسادس مقام الهيبة فتكلم فى مقام الفاقة بلسان الدعوة فقالٱجْعَلْنِي مُقِيمَ ٱلصَّلاَةِ } وفى مقام النعمة بلسان الشكر وقالٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ } وفى مقام الاعتذار بقولهوَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ } وفى مقام المحبة بلسان المودةإِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ } وفى مقام المعرفة بلسان الانبساطرَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } وفى مقام الهيبة بالسكون لما قال له جبرئيل هل لك من حاجة قال اما اليك فلا وقال الاستاذ في قوله { فلما كوكبا } يعني أحاط جوف الطلب ولم يخيل له صباح الوجود فطلع له نجم العقول فشاهد الحق بسره بنور البرهان فقال

السابقالتالي
2