الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ }

قوله تعالى { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ ٱلْلَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـٰذَا رَبِّي } ان الله سبحانه امتحن خليله بالبلايا ومن جملتها امتحانه برؤية الملكوت ليشتغل بحلاوة رؤيتها عن مشاهدة القدم وكذلك امتحنه فى بدايته بمقام الالتباس عند ظهور كوكب تجلى نور الفعل الخاص في صورة الشعرى فنظر اليه حين جن عليه ليل الامتحان فراى بعين الارادة نور فعله الخاص الذى مشربه انوار الصفة فقال بلسان التعجب { هَـٰذَا رَبِّي } فدار عليه دور الارادة وربّاه بنور القربة وبلغه الى مقام القلة فلما جن عليه ليل الفرقة من مقام الاول برز نور الصفة من معدن الذات وظهر من نور الفعل الخاص فى القمر له فنظر اليه وراى مشاهدة الصفة فى الفعل فقال بلسان الشوق { هَـٰذَا رَبِّي } فدار عليه دور الخلة ورباه بنور الوصلة وبلغه الى مقام العشق وذوقه طعم حقيقة طرب سره وهاج شوقه الى طلب الزيادة فظهر انوار الذات فى الصفات وظهر انوار الصفات والذات فى الافعال الخاصة ثم ظهرت انوارها فى الشمس فلما صفا وقته واندرج ظلمة ليلة الفراق طلعت عليها الشمس فنظر اليها فراى مشاهدة جلال القدم فى مرآة الشمس فقال بلسان العشق { هَـٰذَا رَبِّي } فوصل اليه غيرة القدم وجرده عن رؤية الوسائط فى رؤية القدم عند رؤيته أفول الآيات بنعت فنائها فى عظمة انوار القدم وانكشف له عين القدم صرفا فرّ منه اليه وتوحد بوحدانيته وقال للنفس المطالبة حظها من رؤية الكون المشيرة الى كوكب الفعل { لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } اى الساقطين فى مهوات المحو عند بروز سطوات عظمة الله وقال للعقل المطالب حظ رؤية القدر فى رؤية القمر الذى هو مرآة نور الصفةلَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلضَّالِّينَ } الذين بقوا فى مقام الالتباس عن رؤية صرف الصفات اى لئن لم يهدني به اليه لبقيت به عنه وقال للقلب المطالب حظه من مقام العشق ورعونته فى لذة المحبة فى رؤية الوسائط وفراره من الاحتراق فى نيران الكبرياء.