الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ } وصف سبحانه اهل الامتحان الذى يهتف هواتف الالهام بالخطاب لقلوبهم من الغيب فيستقبلونها بمعارضة نفوسهم ويكذبون خواطر الحق بخاطر الباطل حين لم يعرفوا الالهام من الوسواس وذلك من وقر الضلالة فى اذانهم حيث لم يلقوا أسماعهم فى مقام إلشهود الى الله ولم يذكر اسم الله السنة اسرارهم بوصف الهيبة والمحبة وذلك من بقايا نفوسهم فى ظلمات هواها ومعناه أي من كذب خواطر الحق الواردة من عندنا حين ألهمناه بخالص الايمان بكرامات اوليائنا ومعجزات انبيائنا تغطي اذان اسراره وأبصار بصائره بغشاوة الضلالة حتى لا يسمع كلامنا في الغيب ولا يرانا في الملكوت ويبقيه في ظلمات نفسه الأمارة وشيطانه الكافر ولا يقدر ان يتكلم بذكرنا ومعرفتنا قيل لم تصدقوا اظهار كراماتنا على المقربين من عبادنا عموا وصموا عن انوار الملاحظات وبقوامع ظلمات النفوس وهواجس الهياكل قوله تعالى { مَنْ يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } المشيئة تقع على المقبولين والمطرودين على الأبعاد والقبول والرضا والسخط بما جرى عليهم فى الأزل من السعادة والشقاوة فمن لم يكن صادقاً فى بدو ارادته يغويه الحق في ظلمات قهر غيره على وصله حتى لا يصل إليه غير صادق في محبته ومن كان صادقاً في بدو إرادته ولم ينقص عقد بدايته بمتابعة نفسه والفترة عن طاعة ربه يهديه الحق بنفسه إلى نفسه ويجعله مستقيماً في طريق معرفته وطاعته والطريق المستقيم طرق أفعاله للعقول بنعت الفكرة وطرق صفاته للقلوب بنعت المحبة وطرق ذاته للأرواح بنعت المعرفة قيل من يرد الله به الشر تركه فى سوء تدبيره ليبقى في ضلالته ومن يرد الله به الخير يجره إلى حسن اختياره فيبقى على اسلم الطرق وهو الرضا بمجارى القدرة وهو الصراط المستقيم.