الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

قوله تعالى { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } القوم لم يعرفوا حقائق الكفر في الدنيا ولو عرفوه لكانوا موحدين فيظهر لهم يوم القيامة حقيقة الكفر ولا ينفع لهم ذلك لفوتهم السير في النكرات التي معرفتها توجب المعارف وذلك المقام في أماكن صدورهم وهم كانوا يخفونه بمتابعة صورة الكفر وشهوة العصيان بغير اختيارهم لقلة عرفانهم به ولا يكون قلب من العرش إلى الثرى إلا ويطرقه هواتف الغيب بالهام الله الذي يعرف به طرق رضى الحق وصاحبه يعلم ذلك ويسمع ويخفيه في قلبه لأنه ادق من الشعرة وحركته اخفى من دبيب النمل ومع ذلك يعرفه من نفسه ولكن من غلبة شهوات نفسه عليه لا يتبع خطاب الله بالسر فايد الله لهم ما كانوا يخفونه تعبيراً لهم وحجة عليهم قيل ظهر لهم من غيوب اسرارهم بما كانوا يخفيه عنهم قلة علمهم وقال أبو العباس الدينورى رحمه الله أبدى لهم الحق فساد دعاويهم الذين كانوا يخفونها ويظهرون للناس خلافها من التقشف والتقوى صدق الشيخ وصف بها أهل السالوس في الدنيا فبدا لهم قبح بواطنهم عند صدور العارفين واكابر الموحدين ويقولون لسنا على شيء معكم وذلك عند غلبة هيبة وجوههم عليهم فإذا رجعوا إلى أوطانهم عادوا إلى الرزق والناموس من قلة معرفتهم بربهم وقلة معرفتهم بافتضاحهم عند مشايخ القوم قال تعالى { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }.