الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } * { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

قوله تعالى { وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ } أي اذا ادعيتم مقام الولاية فاصدقوا بالقاء نفوسكم الى قناطر البلايا فان الولاية مقرونة بالبلية وايضا اذا اخبرتم منى باللسان فكونوا حاضرين عندى بالجنان واذا ذكرتمونى بالظاهر فكونوا شاهدين مشاهدتى فى الباطن واذا شهدتم على معايب عبادى حين تعرفهم شانها اياهم لا تفزعوا فى الامر بالمعروف لا تخافوا عن لومة اللائمين بالنهى عن المنكر وكونوا عادلين فيه ولا تجاوزوا عن الحدود التى رسمتها فى شرائعى قال ابو سليمان فى هذه الآية اذا تكلمتم فتكلموا بذكره وقال محمد بن حامد العدل من الكلام ما لا يكون على صاحبه فى ذلك بلغة عاجلا وآجلا قوله تعالى { وَبِعَهْدِ ٱللَّهِ أَوْفُواْ } الوفاء بالعهد اقبال القلب الى الله بلا ادبار بنعت المحبة والشوق حتى يصل اليه ولا يحتجب بشئ دونه ولا يختار عليه غيره قال الجوزجانى العهود كثيرة وأحق العهود بالوفاء الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تأمر نفسك بالمعروف فان قبلت منك وإلا أرضها بالجوع والسهر وكثرة الذكر ومجالسة الصالحين لترغب فى المعروف ثم تأمره غيرك وتنهى نفسك عن المنكر فان قبلت وإلا فأدبها بالسياحة والتقطع والعزلة وقلة الكلام وملازمة الصبر لتنتهى فاذا انتهيت فانه الناس عن المنكر ولما شرع الله سبحانه شوارع الحقيقة ونصب فى سبيل معرفته اعلام الربوبية ووصى عباده باللزوم فيها بنعت الصبر والرضا عند تحمل العناء والسباحة فى بحر البلاء لوجدان المنى والتزين بلباس البقاء اوكد عقد الحقيقة عليهم وحج عليهم تمهيداً للعبودية وعرفاناً للربوبية بقوله { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } صراطه المستقيم متابعة إلهامه والاسوة بكلامه والشروع فى عبوديته لغفرانه وطلب مشاهداته عند تقديس الخاطر عن غيره قال جعفر بن محمد عليهما السلام طرق من القلب الى الله بالاعراض عما سواه واراد بالسبل هٰهنا سبل الخطرات المذمومة والهواجس النفسانية والوساوس الشيطانية فانها مظلمة مفاوزها قاطعة لطريق المريدين وسبيله سيبل الهدى والهدى وضوح شموس الصفات فى جلال الآيات للعقول الصافية عن اكدار الخليقة.