قوله تعالى { لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَارَ } لا تدركه الابصار الا بالابصار مستفادة من ابصار جلاله وكيف يدركه الحدثان ووجود الكون عند ظهور سطوات عظمته عدم وهو يدرك الابصار ببصره القديم المنزه عن المشابهة بالحدثان بان يكسيها انوار صفاته لتراه لا بنفسها لانه بلطف ذاته ممتنع عن مطالعة خلقه مع علو شأن علمه واحاطته بجميعهم وجودا وعدما بقوله تعالى { وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } من لطف جماله انجذاب القلوب بنعت العشق الى ضياء وجهه الكريم عجزاً واضطراراً من لطفه غرقت الارواح فى بحار محبته وفنيت الاسرار فى قضاء هويته ودهشت القلوب فى معارك اشواقه واضمحلت العقول فى بيداء ألوهيته من ادراك غوامض علمه قال ابو يزيد فى قوله { لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَارُ } ان الله احتجب عن القلوب كما احتجب عن الابصار فان اوقع تجليا فالبصر والفؤاد واحد أو قيل معناه ان الله يطلع على الابصار بالتجلى لها لان الابصار تسمو اليه قال الحسين فى قوله اللطيف قال لطف عن الكنه فانى له الوصف ومن لطفه ذكره لعبده فى الدهور الخالية اذا السماء مبنية والارض مدحية قيل سبق الوقت واظهار الكونين وما فيها فهذا معنى لطيف وقال القاسم اللطيف الذى لم يدع أحداً يقف على ماهية اسمه فكيف الوقوف على وصفه قال ابن عطاء قوله لا يدركه الفهوم واحاط بكل شئ علما وروى ابو سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم انه قال فى قوله تعالى { لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَارُ } " لو ان الجن والانس والشياطين والملائكة منذ خلقوا الى ان فنوا صفوا صفا واحدا ما احاطوا بالله ابدا " وقال الجنيد اللطيف من نوَّر قلبك بالهدى وربى جسمك بالغذاء وجعل لك الولاية فى البلوى ويحرسك وانت فى اللظى ويدخلك جنة المأوى وقيل اللطيف الذى ان دعوته لباك وان قصدته آواك وان احببته ادناك وان اطعته كافاك وان عصيته عافاك وان أعرضت عنه دعاك وان أقبلت اليه هداك.