الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْمَلِكُ ٱلْقُدُّوسُ ٱلسَّلاَمُ ٱلْمُؤْمِنُ ٱلْمُهَيْمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ }

قوله تعالى { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } هو اشارة غيب الغيب والله ظهور الغيب والذى رجوع الوصف الى الغيب ولا نفى المعارف واله تلبيس ومكر لشغل المخاطب عنه بالاسم والرسم والا هو باين حق الحقيقة وكشفها بنعت الهوية فى الغيب فاول الخطاب نكرة وأخر الخطاب نكرة غيب فى غيب اذ لا يعرف الازل والابد ثم وصف نفسه بان غيبه مكشوف لعينه يرى الغيب كما يرى الظاهر اذ الغيب ظاهر والظاهر غيب وهو قوله عالم الغيب والشهادة الغيب ما فى صميم السر ومكامن روح الرّوح ونفس النفس والشهادة ما خرج من العدم عالم بالمعلومات الغيبية قبل وجودها وبعد وجودها لا يزيد علمه بالغيب علمه بالعلانية ولا علمه بالعلانية علمه بالغيب قال سهل الغيب السر والشهادة العلانية ثم رجع الى بيان الهوية التى هى مستورة عن الكل بقوله { هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } ابرز الصفة بعد غيوبتها ونعت نفسه بالرحمة الواسطة بالمبالغة وتواثيرها الإيجاد وظهورها فى الافعال ثم رجع بعد الاظهار الى ذكر الغيوب في الغيوب والنكرات فى النكرات بقوله { هُوَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ثم ابان الصفة بالفعل بقوله { ٱلْمَلِكُ } ثم افرد الصفة عن الفعل فقال { ٱلْقُدُّوسُ } مقدس عن مباشرة الحدوثية ثم زاد وصف قدسه عن ادراك الحدث وعلل الكون بقوله { ٱلسَّلاَمُ } وصف نفسه بانه مأمن الخائفين بقوله { ٱلْمُؤْمِنُ } ثم وصف نفسه ايضا بانه الصادق فى وعده المصدق اولياءه بقوله { ٱلْمُهَيْمِنُ } ثم زاد فى وصفه بانه العالى عن همم الخلائق الممتنع بذاته عن إدراكهم لا يقوم فى كبريائه الحدثان بقوله { ٱلْعَزِيزُ ٱلْجَبَّارُ ٱلْمُتَكَبِّرُ } ثم زاد فى ذكر قدسه بقوله { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ } عما يشيرون اليه بالنواظر والخواطر ثم زاد وصف غيبه وكنه الكنه وعين العين الظاهر بلباس الغيب ثم ذكر تاثير ظهوره باظهار الخلق بقوله { هُوَ ٱللَّهُ ٱلْخَالِقُ ٱلْبَارِىءُ ٱلْمُصَوِّرُ } ثم بين لذاته النعوت والاسامى القديمة المقدسة عن الاشراك والادراك بقوله { لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } فلما ظهر بهذه الاوصاف ظهر انوار صفاته فى الأيات والبس ارواح نوره الارواح والاشباح والاعصار والادهار والشواهد والحوادث فسبحته الكل بألسنة نورية غيبية صفاتية بقوله { يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } ثم بين انه منزه بتنزيهه عن تنزيههم وادراكهم وعلمهم به بقوله { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } العزيز عن الادراك الحكيم فى انشاء الاقدار تعالى الله عما اشار اليه الواصف الحدثاني واللسان الانسانى قال ابن عطا القدوس المنزه عما لا يليق به من الاضداد والانداد قال بعضهم المؤمن الذى لا يخاف ظلمه والمهيمن الحافظ لعباده وان لم يحفظوا اوامره والعزيز الذى عجز طلابه عن ادراكه ولو أدركوه ذل والجبار الذى حير العباد على ما اراد ويصرفهم على يريد قال ابن عطا المؤمن المصدق لمن اطاعه وايضا قال لانه أمن المؤمنين عن خوف ما سواه حتى لم يخافوا سواه وقال القسيم البارئ الذى لا يتلوّن تبلون العباد ولا ينتقل من صفة الرضا الى صفة الغضب بتنقيل الكسوة وقال ابن عطا البارئ مبتدع الاشياء من غير شئ المصور المتمم تصويره على غاية الكمال وقال المهيمن على سرائر العباد فلا تخفى عليه خافية والسلام هو الذى سلم من النقص والأفات.