الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوۤاْ آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

قوله تعالى { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } وصف الله المؤمنين المخلصين فى ايمانهم الصادقين فى محبتهم وارادتهم وقرب اوليائه انهم لا يحبون غير من يقبل بكليته على الله ولا يطيقون ان ينظروا الى وجوه المخالفين لامر الله وان كانوا اباءهم وابناءهم لانهم اثروا الله على من دونه وذلك بان الله غرس اشجار التوحيد والمعرفة فى قلوبهم وتجلى لارواحهم من نفسه فصار معنى حقيقة التجلى منفق شافى نفس ارواحهم وعقولهم بقوله { أُوْلَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ } كتب بصفاته فى قلوبهم بنعت ظهورها فى قلوبهم فعرفتها القلوب برؤيتها فسكنوا اليها واستلذوا رؤيتها فايدهم الله بتجلى ذاته لارواحهم وما ابقاهم فى رؤية الصفات بل اغرقهم فى قاموس الذات فوجد فيها جواهر اسرار الربوبية وحقائق انوار الالوهية وذلك الوجدان بانه نفخ من روح الازل فى ارواحهم روح المعارف فصارت ارواحهم مؤيدة بروح منه قال الحسين اقبل عليهم بنظره وملكهم بقدرته واحصاهم بعلمه واحاطهم بنوره ودعاهم الى معرفته قال الواسطى هو الذى كتب الايمان فى قلوب المؤمنين ليكون اثبت وابقى لوقوع المناسبات وقال الايمان سواطع الانوار له لمعة فى القلوب ومكين معرفته حملت السرائر فى الغيوب وقال النصرابادى كتابه من الحق ونقش منه كتبها ونفسها فى قلوب اوليائه ثم اطلعه عليها فقرأه كل قارئ وغير قارئ لعناية الحق فيه مستترة قال سهل الكتاب فى القلب موهبة الايمان التى وهبها لهم قبل خلقهم فى الاصلاب والارحام ثم ابدا سطوا من النور فى القلب ثم كشف الغطاء عنه حتى ابصر ببركة الكتابة به ونور الايمان للغيبات وقال حياة الروح بالتاييد وحياة النفس بالروح وحياة الروح بالذكر وحياة الذكر بالذاكر وحياة الذاكر بالمذكور ثم وصفهم الله بانهم انصار الله فى دينه الذين فازوا بالظفر فى الله على نفوسهم وعلى كل عدو بقوله { أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ ٱللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } حزب الله اهل معرفته ومحبته واهل توحيدهم الفائزون بنصرة الله من مهالك القربات ومصارع الامتحانات وجدوا الله بالله اذا ظهر واحد منهم ينهزم المبطلون وينكسر المغالطون لان الله البس على وجوههم نور هيبته واعلى لهم اعلام عظمته يفر منهم الاساد وتخضع عندهم الشامخات كلأهم بحسن رعايتهم ونورهم بسنا قربه ورفع لهم اذكارهم فى العالمين وعظم اقدارهم وكتم اسرارهم قال سهل الحزب الشيعة وهم الابدال وارفع منهم الصديقون الا ان حزب الله هم الغالبون وارثون لاسرار علومه المستشرفون على معادن ابتدائهم الى انتهائهم هم المفلحون قال الحسين حزب الله الذين اذا نطقوا بهروا وان سكتوا ظهور وان غابوا حضروا وان ناموا سهروا وان كملوا فكلوا وان نجت عنهم علل التخليط فطهروا اولئك حزب الله الى أخره قال ابو سعيد الخراز حزب الله قوم علامهم البهاء والبهجة فنعموا ولم يحتملوا الاذى وصاروا فى حرزه وحماه فغلب نورهم الانوار أجمع وغلب مقامهم المقامات اجمع وهمومهم الهمم اجمع فكانوا فى عين الجمع مع الحق ابدا وقال ابن عطا ان لله عباداً اتصالهم به دائم واعينهم به قريرة ابدا لا حياة لهم الا به لاتصال قلوبهم به والنظر اليهم بصفاء اليقين فحياتهم بحياته موصولة لا موت لهم ابدا ولا صرف لهم عنه لانه قدس ارواحهم فعلقها عنده فثم ماواها قد غشى قلوبهم من النور ما اضاءت فاشرقت ونما زيادتها على الجوارح وصاروا فى حرزه وحماه اولئك حزب الله الخ قال رويم صفتهم انهم اطمانوا الى الله وهم اولياء الله وخاصته وامان بلاده فاعين قلوبهم ناظرة الى ربهم واذان قلوبهم سامعة منه وهم الذين اصطفاهم الله واختارهم وهداهم الى نفسه وسترهم عن خلقه اولئك حزب الله الخ.