الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

قوله تعالى { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ } افهم سر تفسير هذه الأية فان الله سبحانه اشار بها الى سر ذاته وصفاته ونعوته واسمائه واظهر باطن غيبه وغيب غيبه وسره وسر سره لتحير ارواح العارفين فى بحار قدمه وبقائه وفناء اسرار الموحدين فى صفاته وذاته وما افاد هذه الاسرار الا التحير عن ادراكه ذكر سره ولم يعرف احد ذلك السر ولا يعرف احد ذلك السر ولا يعرفه احد الى الابد هو ذاكره وهو عالم به لا غير كيف يعرف الاولية من لا اولية له وكيف يعرف الأخرية من لا أخرية له وكيف يعرف بطن سر السر واصل الاصل من لا حقيقة له فى ادراك كنه كنهه اعبر من هذا البحر العميق ولا تقف فانه اغرق الاولين والأخرين فى قطرة من قطراته وهم عطاش من بعد افواهم عن نداوتها اين أنا من الاقبال بنعت الادراك على قدم القدم وابد الابد وبطن العلم واشراق شمس الالوهية وسبحاتها تحرق الابصار واسرارها تحير الافكار أنا والفرار من ضرغام الازل وتبين الابد ما للتراب ورب الارباب سقط الزمان والمكان والاوايل والاواخر والظروف والاماكن والفهوم والعلوم من بوادى انوار اوليته وأخريته وظهور سبحات ظاهريته ولمعات اسرار باطنيته فلم يبق فى اللسان حيث لا يبقى البيان والبرهان ولا العرفان ولا الايقان الايمان بمن والعرفان لمن والايقان فى من وهو ممتنع بغير جباريته عن درك الخواطر وجريان الضمائر سبحانه سبحانه سبحانه قوله هو الاول اظهار الآزال فى الآزال وقوله هو الاخر اظهار الاباد فى الاباد وقوله الظاهر عيانه بذاته فى صفاته وصفاته فى افعاله اذ الافعال فى الصفات والذرات فانية فبقى ظهوره فى نفسه إذ لا شئ دونه وقوله هو الباطن استتار كنهه بكنهه وسره بسره لا يدرك باطنه بعد الاوهام ولا غوص الافهام سبحانه عما اوحى اليه الخليقة بكمالها سبحانه عما اشار اليه البرية بنهايتها من يعرف عقود علل الاشياء حتى يعرف اوليته ومن يعرف عروق الاعصار حتى يعرف أخريته ومن يعرف كينونية الافعال حتى يعرف ظاهريته ومن يعرف اسرار بطون الارواح والنفوس حتى يعرف باطنيته لو يعرف المخلوق حقيقة مائية وجوده بنعت احاطة علمه عليها يعرف اصل كل اصل وعلة كل علة إذ لا يعرفها الا من يوجدها الا هو الذى نعته الاول والاخر والظاهر والباطن لا يظن فى اوليته عد الأدهار ولا تظن فى اخريته حصر الاعصار ولا تظن فى ظاهريته بوادى الأيات ولا تظن فى باطنيته اسرار الخفيات فان هذه الصفات منفية عن كمال الوهية الاولية فى الاذهان تاخرها الى قدم الزمان ولا زمان فى الازل والأخرية فى الافهام استباقها الى دوام الاعصار ولا اعصار فى الابد والظاهرية فى العقول الظهور فى الاماكن ولا مكان عند ظهوره والباطنية فى الخيال طوية الخفيات وهو منزه عن ان يكون محل جريان العلل اذ لا علة فى وجوده اعبر من هذه الظلمات فانه تعالى منزه عن القياس والوساوس اوله أخره وأخره اوله وظاهره باطنه وباطنه ظاهره فاذا اخرجت يا نفس من رقومات المكونات وصور الايات ورسم الافعاليات ونسيت العدم والوجود وسقط عنك الرسم والاسم والوسم فنيت عنك وبقيت بالحق يرى الله بالله ولا تبقى عندك هذه الرسومات ويثبت لك الخفيات الاول للارواح بسبق العنايات والأخر للقلوب بحسن الرعايات والظاهر بنعت الكشف للاسرار والباطن ببيان علم المجهول وانكشاف حقيقة حكم الربانية للعقول القدسية اى تفضل اعظم من هذا التفضل من الحق سبحانه للعارفين اذ تجردت نعوته واسماؤه وصفاته وذاته لهم وهذا من كمال حبه لحبهم وإرادته لمعرفتهم لذلك اظهر كنز الربوبية والالوهية لهم بقوله كنت كنزاً مخفيا فأجببت ان اعرف يا صاحبى كدت انقل احجار قاف الكبرياء بنيانى او اغرف مياه قاموس الازل والبقاء فلما وصلتها رايتها ممنوعة من ادراك الفهوم ووصل العلوم ورجعت وما قلت الا قول حبيبه عليه الصلاة والسلام فى هذه الاية

السابقالتالي
2